قبله. ولو قال : (إن مشى زيد فامش مقارنا مع مشيه) ، فمحل المشي زمان مشى زيد ، فلو علم تحقق المشي من زيد في زمان خاص ، يجب عليه المشي في ذلك الزمان ، حتى يصير مشيه مقارنا معه. ولو قال : (ان جاء زيد فاستقبله) فمحل الاستقبال قبل مجيئه ، فلو علم بمجيئه غدا مثلا ، يجب عليه الاستقبال في اليوم.
والحاصل أن طلب الشيء على فرض تحقق شيء لا يقتضى إيجاد ذلك الشيء المفروض وجوده ، ولكن بعد العلم بتحقق ذلك الشيء يؤثر في المكلف ، ويقتضى منه أن يوجد كلا من الفعل ومقدماته في محله ، فقد يكون محل الفعل بعد تحقق ذلك الشيء في الخارج ، وقد يكون قبله ، وقد يكون مقارنا له ، وهكذا محل مقدماته ، قد يكون قبله ، وقد يتسع زمان إتيان المقدمة ، كما لو توقف إكرام زيد غدا على شيء ممكن تحصيله في اليوم وفي الغد. والمقصود أن الوجوب المعلق على شيء بعد الفراغ عن ذلك الشيء ، يجب بحكم العقل متابعته. ومن هنا عرفت الجواب عن أصل الإشكال ، فلا يحتاج إلى التكلفات السابقة. وأنت بعد الإحاطة والتأمل في الأمثلة المذكورة لا أظن ان ترتاب فيما ذكرنا.
(فان قلت) : على ما ذكرت يقتضى ان تكون مقدمات الواجب المشروط ـ بعد العلم بشرطه ـ واجبة مطلقا ، فما وجه فتوى القوم بعدم وجوب الوضوء قبل دخول الوقت ، وأيضا فما وجه الفرق بين الليل واليوم السابق بالنسبة إلى الغسل الّذي يكون مقدمة للصوم ، ولأي جهة أفتوا بوجوبه في الليل وعدم وجوبه في النهار السابق؟
(قلت) : بعد فرض وجود الدليل على عدم وجوب الوضوء قبل الوقت ، نستكشف منه أن وجوب الصلاة ـ مضافا إلى ابتنائه على الوقت ـ مبتن على القدرة فيه ، فكأنه قال إذا دخل الوقت ، وكنت قادرا