دخول الوقت مطلقا أيضا ، ضرورة عدم قدرة المكلف على الامتثال في الجزء الأخير من الوقت مثلا. ومقتضى ما ذكرت سابقا كون الإرادة بالنسبة إلى القيود الغير الاختيارية مشروطة ، فمتى يصير خطاب الصوم مطلقا؟
(قلت) نلتزم بعدم صيرورة الخطاب مطلقا ، ولكن نقول : إن الواجب المشروط ـ بعد العلم بتحقق شرطه في محله ـ يقتضى التأثير في نفس المكلف ، بإيجاد كل شيء منه ومن مقدماته الخارجية في محله. مثلا لو قال (أكرم زيدا إن جاءك) ، فمحل الإكرام بعد مجيئه ، ومحل مقدماته إن كان قبل المجيء ، فمجرد علم المكلف بالمجيء يقتضى إيجادها
______________________________________________________
(ثانيهما) ـ ما ينشئه الآمر بعنوان جعل القانون ، من دون لحاظ إلى الجهات الفعلية ، فالمرجع في هذه الجهات هو العقل ، فكلّما يراه العقل مانعا من فعلية التكليف بالمعنى الأول ، ويحكم بقبح العقوبة ، فلا يؤثر في نفس المأمور شيئا ، وإذا حكم العقل بعدم المانع من العقوبة ، يحكم بالفعلية ويؤثر اثره. ولا مانع من تعلق مثله بذات الفعل ، وإن لم تجتمع فيه الشرائط العقلية ، بل مبناه على بيان أصل المطلوبية من قبل الآمر ، وإيكال تلك الشرائط إلى العقل. وقد مرّت الإشارة إليه في مسألة الإطلاق فراجع.
فعلى هذا يمكن أن يقال : ان ما ليس وجوبه مشروطا بشيء ، ولا بفرض شيء عند وجوبه ، بل لا يلحظ عند الجعل الا نفسه إن كان جميع الشرائط العقلية فيه موجودا ، فهو منجز ، سواء كان الجعل فيه كالقسم الأول أو كالقسم الثاني. وما لم تجتمع فيه الشرائط فهو معلق ، لكنه لا يمكن فيه الجعل إلّا بالنحو الثاني. فالواجب قبل الوقت إن أخذ الوقت فيه مفروض الوجود عند الجعل ، فهو مشروط ، وإن لم يلحظ فيه إلا الذات المقيدة بالوقت ، مع قطع النّظر عن لحاظ كونه مقدورا أو غير مقدور ، فهو معلق. وأما جعل الوجوب الفعلي من جميع الجهات له قبل الوقت ، فغير ممكن ـ كما مرّ تفصيله ـ هذا غاية توجيه الواجب المعلق ، فراجع كلام الفصول ، فان كان لا يأبى ما ذكرنا فهو ، وإلا فهذا تصوير بنفسه.