الوجوب بقوله : (ان جاءك زيد فأكرمه) فان الهيئة قد وضعت لإنشاء الطلب. وعلى هذا فالقول بان الوجوب لا يتحقق إلّا بعد تحقق الشرط مستلزم لتفكيك الإيجاب عن الوجوب. وان التزم بعدم تحقق الإيجاب ، لزم إهمال هذه القضية.
(ثانيهما) ـ ان الطلب المستفاد من الهيئة انما يكون معنى حرفيا غير مستقل بالنفس ، وليس دخوله في الذهن الا من قبيل وجود العرض في الخارج في كونه متقوما بالغير ، والإطلاق والتقييد فرع إمكان ملاحظة المفهوم في الذهن.
وأيضا قد تقرر في محله أن معاني الحروف معان جزئية بمعنى ان
______________________________________________________
وإهماله ، واما على القول بكون الهيئة موجدة لمفهوم الطلب إنشاء فلا محذور فيه حيث ان الإنشاء خفيف المئونة ، فكما يصح الإنشاء منجزا وحقيقته ليس إلّا البناء على وجوده ، فكذلك الإنشاء على تقدير ، ومعناه يصح بالبناء على وجود على ذلك التقدير.
ولكن فيه : ان الوجود الإنشائي أيضا نحو من الوجود النّفس الأمري وليس من قبيل أنياب الأغوال بلا تأصل وحقيقة الا الفرض ، وهذا النحو من الوجود الإنشائي أيضا لا يخلو أمره عن الوجود والعدم فعلا والأول ينفيه الاشتراط ، والثاني مستلزم لإهمال القضية فعلا
وبذلك يظهر ما في ما التزم به في الكفاية من أن المنشأ إذا كان هو الطلب على تقدير حصول شيء ، فلا بد أن لا يكون قبل حصوله طلب وبعث وإلّا لتخلّف عن إنشائه.
وجه النّظر : أن عدم تفكيك الإيجاد عن الوجود لا فرق فيه بين الوجود الإنشائي والخارجي ، فان الوجود الإنشائي لا يمكن تفكيكه عن الإيجاد الإنشائي كالخارجي ، بل الإيجاد والوجود الفرضيان أيضا لا ينفكان ، فكيف التزم بالتفكيك بينهما؟
واما ما وجّه به بعض المحشين : ـ بأن الهيئة على هذا جزء العلة ، ويبقى جزؤها الآخر ، وهو القيد ـ فهو خلاف مرام المتن ، لأن الظاهر منه أن الإيجاد والإنشاء حاصل ، لكن المنشأ أمر استقبالي ، ويشهد بذلك تنظيره بالإخبار ، فانه لا يلتزم أحد بأن اخبار المشروط جزء العلة للخبر.