من دون ملاحظة تمام القيود التي يكون بها قوام المصلحة.
لأنا نقول : عرفت أنه قد يتعلق الطلب بما لا يكون مطلوبا في حد ذاته ، بل يكون تعلق الطلب لأجل ملاحظة حصول الغير ، والفعل المقيد بعدم الدواعي النفسانيّة وان لم يكن تمام المطلوب النفسيّ مفهوما ، لكن لما لم يوجد في الخارج إلّا بداعي الأمر ، لعدم إمكان خلو الفاعل المختار عن كل داع يصح تعلق الطلب به (١٠٧) لأنه يتحد في الخارج مع ما هو مطلوب حقيقة ، كما لو كان المطلوب الأصلي إكرام الإنسان ، فانه لا شبهته في جواز الأمر بإكرام الناطق ، لأنه لا يوجد في الخارج الا متحدا مع الإنسان الّذي إكرامه مطلوب أصلي.
وكيف كان فهذا الأمر ليس امرا صوريا بل هو امر حقيقي وطلب واقعي لكون متعلقه متحدا في الخارج مع المطلوب الأصلي. نعم يبقى الإشكال في أن هذا الفعل ـ أعني الفعل المقيد بعدم الدواعي النفسانيّة ـ مما لا يقدر المكلف على إيجاده في مرتبة الأمر ، فكيف يتعلق
______________________________________________________
(١٠٧) ذكر الفاعل المختار لبيان ان المطلوب هو الفعل الاختياري المقيد بخلو الدواعي الراجعة إلى غير الله ـ تبارك وتعالى ـ فلا ينتقض بالغافل ، لأنه ان بلغ حدا يسلب عنه الاختيار فهو خارج عن محل الكلام وإلّا فلا محالة لا يخلو عن الداعي الإلهي أو غيره ، والفرق ـ بين تقييد المأمور به بخلوه عن الدواعي النفسانيّة والأمر بالذات بلا تقييدها بشيء ـ كما يأتي في المتن ـ مع كون الغرض فيهما أخص وكون الأمر فيهما للغير : ـ هو أن الأمر على الأول لا يسقط مع عدم قصد القربة لعدم تحقق المأمور به ، فلا يحتاج في إثبات بقائه إلى ان الغرض المحدث للأمر علة للبقاء أيضا حتى يرد عليه ما أورد عليه في المتن ، وأيضا : على الأول لا مانع من التمسك بالإطلاق عند الشك في التعبدية وتمامية المقدمات ، وأيضا : لا إشكال في جريان البراءة مع الإجمال ، لأن الشك في القيد الزائد.