وهذا الّذي اعتقده مدحا ذم بالنسبة إلى مقامه.
إذا تمهد هذا فنقول : لا إشكال في أن ذوات الأفعال والأقوال الصلاتية مثلا من دون إضافة قصد إليها ليست محبوبة ولا مجزية قطعا ، ولكن من الممكن كون صدور هذه الهيئة المركبة من الحمد والثناء والتسبيح والتهليل والدعاء والخضوع والخشوع مثلا مقرونة بقصد نفس هذه العناوين محبوبة للآمر ، غاية الأمر ان الإنسان لقصور إدراكه لا يدرك أن صدور هذه الهيئة منه بهذه العناوين مناسب لمقام الباري عزّ شأنه ، ويكون التفاته موقوفا على إعلام الله سبحانه ، فلو فرض تمامية العقل واحتواؤه بجميع الخصوصيات والجهات ، لم يحتج إلى إعلام الشرع أصلا.
والحاصل ان العبادة عبارة عن إظهار عظمة المولى والشكر على نعمائه وثناؤه بما يستحق ويليق به ، ومن الواضح ان محققات هذه العناوين مختلفة بالنسبة إلى الموارد ، فقد يكون تعظيم شخص بان يسلم عليه ، وقد يكون بتقبيل يده ، وقد يكون بالحضور في مجلسه ، وقد يكون بمجرد اذنه بان يحضر في مجلسك أو يجلس عندك ، إلى غير ذلك من الاختلافات الناشئة عن خصوصيات المعظم بالكسر والمعظم بالفتح. ولما كان المكلف لا طريق له إلى استكشاف ان المناسب لمقام هذا المولى تبارك وتعالى ما هو إلّا بإعلامه تعالى ، لا بد ان يعلمه ، وإلّا لم يتحقق به تعظيمه ، ثم يأمره به. وليس هذا المعنى مما يتوقف تحققه على قصد الأمر ، حتى يلزم محذور الدور.
ويمكن أن يقال بوجه آخر ، وهو أن ذوات الأفعال مقيدة بعدم صدورها عن الدواعي النفسانيّة محبوبة عند المولى وتوضيح ذلك يتوقف على مقدمات ثلاث :