الأمر على القدرة بمعنى لزوم كونها قبله رتبة فلا ، لما عرفت من جواز حصولها بنفس الأمر. وهاهنا كذلك ، لأنه بنفس الأمر تحصل القدرة على إتيان الفعل بداعيه.
وقد يقال ان الأمر بإتيان الفعل بداعي الأمر وان لم يكن مستلزما للدور ، إلّا انه مستحيل من جهة عدم قدرة المكلف على إيجاد هذا المقيد أصلا ، حتى بعد الأمر بذلك المقيد ، فان القدرة ـ على إيجاد الصلاة بداعي الأمر بها مثلا ـ تتوقف على الأمر بذات الصلاة ، والأمر بها ـ مقيدة بكونها بداعي الأمر ـ ليس امرا بها مجردة عنه ، لأن الأمر بالمقيد ليس امرا بالمجرد عن القيد ، فالتمكن من إيجاد الفعل مقيدا بحصوله بداعي الأمر لا يحصل إلّا بعد تعلق الأمر بذات الفعل.
(وفيه) ان الأمر المتعلق بالمقيد ينسب إلى الطبيعة المهملة حقيقة ، لأنها تتحد مع المقيد ، فهذا الأمر ـ المتعلق بالمقيد بملاحظة تعلقه بالطبيعة المهملة ـ يوجب قدرة المكلف على إيجادها بداعيه (١٠٥) نعم لو أوجدها فيما هو مباين للمطلوب الأصلي ، لا يمكن ان يكون هذا الإيجاد
______________________________________________________
(١٠٥) لا يقال : ان الأمر المذكور وان كان نسب إلى المهملة لكن ليس مؤثرا في نفسه ومحركا لإيجاد المهملة ليصح جعله داعيا لها ، بل هو امر انتزاعي لا أثر له مستقلا.
لأنا نقول : ان لم يكن لهذا الأمر الانتزاعي أثر ، فكيف يحكم بالبراءة فيما دار الأمر بين المطلق والمقيد في غير المقام؟ وهل مبنى البراءة فيه أن الأمر بالمهملة معلوم والقيد مشكوك فيه؟ فلو كان الأمر بالمهملة غير مؤثر لاستشكل بأن ما هو المعلوم غير مؤثر والمؤثر مردد فيجب الاحتياط.
لا يقال : نعم لو لم يعلم القيد فالمعلوم مؤثر ، لأنه بعد الجهل بالقيد يكون بمنزلة المطلق ، لأن المناط في التأثير عند العقل هو المقدار المعلوم ، والمفروض ان المقدار المعلوم