وفيه ان الممتنع بحكم العقل تعلق الأمر بشيء يعجز عن إتيانه في وقت الامتثال وأما انه يجب أن تكون القدرة سابقة على الأمر حتى يصح الأمر فلا ، ضرورة أنه لا يمتنع عند العقل أن يحكم المولى بشيء يعجز عنه المأمور في مرتبة الحكم (١٠٤). ولكن تحصل له القدرة عليه بنفس ذلك الحكم ، فحينئذ نقول : إن توقف القدرة على الأمر مسلم واما توقف
______________________________________________________
إذ هو ليس إلّا طلب الحاصل ، فلا مورد لتنظيره بالشدة للضرب المنتفية بانتفائه ، ففي الحقيقة يشترط في تحقق الإرادة عدم وجود المراد في الخارج ، لكن لا بنحو يكون العدم قيدا للمراد ، بل تتحقق الإرادة في حال عدم المراد أيضا ولا يكون من قبيل عوارض الماهية كالزوجية للأربعة ، بحيث لا ينفك عنها في جميع العوالم ، حيث أنها زوج في عالم التقرر والذهن والخارج ، فان الانفكاك الخارجي قد مر بيانه ، وفي عالم التقرر ليست الصلاة محكومة بحكم أصلا لا الوجوب ولا عدمه ، بل الإرادة عارضة للوجود الذهني للافعال ، لكن لا بما هو وجود تصوري ، بل بما هو حاك عن الخارج ، كالكلية العارضة للإنسان.
فتحصل : ان موضوع الأمر هو الوجود التصوري لا الخارجي ، فلا دور من هذه الجهة ، انما الكلام في ان دخل قصد الأمر في الموضوع لا يمكن إلّا بعد فرض وجود الأمر ، وتحقّقه في الخارج عند لحاظ الموضوع ، وفي حال لحاظ وجود الأمر الخارجي لا يمكن إيجاده ، لأن إيجاد الشيء يلازم بل يتوقف على لحاظه معدوما فيوجده ، فلا يتصور الموضوع الا في لحاظ لا يمكن جعل الحكم فيه ، إلّا ان يقال : ان الأمر المفروض الوجود ان كان شخص الأمر المجعول في القضية يلزم المحذور المذكور ، وأما إن كان طبيعة الأمر فلا ، لعدم الملازمة بين لحاظ وجود الطبيعة وعدم لحاظ وجود شخص الأمر المجعول كما هو واضح.
(١٠٤) وذلك لأن القدرة لم تكن دخيلة في الموضوع ، حتى يلزم من تأخرها عن الأمر رتبة تأخر الموضوع عن الحكم ، بل العقل يحكم بقبح العقاب على ما لا يطاق ، ويكفي في رفع القبح تحقق القدرة حين العمل وان كان بنفس الأمر.