الموضوع مقدم على الحكم رتبة ، لأنه معروض له. ولا إشكال في تقدمه على العرض بحسب الرتبة. وهذا الموضوع يتوقف على الأمر ، لما أخذ فيه من خصوصية وقوعه بداعي الأمر التي لا تتحقق الا بعد الأمر ، فالامر يتوقف على الموضوع لكونه عرضا له ، والموضوع يتوقف على الأمر لأنه لا يتحقق بدونه.
وفيه ان توقف الموضوع على الأمر فيما نحن فيه مسلم لكونه مقيدا به ، والمقيد لا يتحقق في الخارج بدون القيد. وأما توقف الأمر على الموضوع ، فان أردت توقفه عليه في الخارج فهو باطل ، ضرورة ان الأمر لا يتعلق بالموضوع الا قبل الوجود. وأما بعده فيستحيل تعلقه به ، لامتناع طلب الحاصل. وإن أردت توقفه عليه تصورا فمسلم ولكن لا يلزم الدور أصلا ، فان غاية الأمر أن الموضوع هنا بحسب وجوده الخارجي يتوقف على الأمر والأمر يتوقف على الوجود الذهني له (١٠٣).
وقد يقرر الدور بأن القدرة على الموضوع الّذي اعتبر وقوعه بداعي الأمر لا يتحقق إلّا بعد الأمر ، والأمر لا يتعلق بشيء الا بعد تحقق القدرة ، فتوقف الأمر على القدرة بالبداهة العقلية ، وتوقف القدرة على الأمر بالفرض.
______________________________________________________
في التعبدي والتوصلي :
(١٠٣) وذلك واضح ، لأن الإرادة المتعلقة بالافعال مثل الطلب العارض للافعال ، من قبيل عوارض الوجود كالحرارة والبرودة والبياض والسواد وأمثال ذلك العارضة للأجسام بحيث يتوقف وجودها في الخارج على وجود المراد في الخارج ، لأن إرادة الفعل ـ كما مر ـ عبارة عن الشوق المؤكد بإيجاده في الخارج ، أو تجمع النّفس به ، ومعلوم انهما لا يتحققان إلّا قبل وجود الفعل ، فانه بعد التحقق لا يعقل إرادة الإيجاد