.................................................................................................
______________________________________________________
فيه قيد المباشرة ، ولذا يسقط بأداء الغير ، وعلى هذا لا يحتاج إلى قصد تقرب المنوب عنه ولا قصد النيابة وتنزيل النّفس منزلة المنوب عنه.
ولذا أفتى جمع بصحة الزكاة مع قصد القربة من الحاكم لنفسه ، إذا أدّى زكاة الممتنع ، من دون قصد تقرب الممتنع ، ولا تنزيل نفسه منزلته ، بل يسقط بأداء الغير من مال نفسه ، نظير ساير الديون من دون حاجة إلى شيء غير قصد أداء دين ذلك الغير ، فيمكن ان يكتفى فيها بقصد القربة من السبب في تسبيبه ، كما في تجهيز الميت على ما قيل ، فان دلّ دليل من عقل أو نقل على لزوم الأول جرى ما ذكر من الإشكال ، ولا محيص للجواب عنه إلّا بما ذكر ، وإلّا فلا يحتاج إلى قصد القربة للمنوب عنه حتى يلزم المحذور ، بل على الثالث لا يحتاج إلى قصد القربة من النائب أصلا ، ويصح صدوره من الكافر إلّا إذا كان إسلام المباشر شرطا في العمل كالطهارة من الخبث. نعم يمكن أن يستشكل في استئجار العبادة على الأولين ، حيث اشترط فيها كون الداعي خالصا في حصول القرب ، إما للفاعل أو للمنوب عنه وهو لا يجتمع مع قصد الأجرة. وأما تصحيحه بأن قصد الأجرة داع إلى قصد القرب بنحو الداعي على الداعي فليس بصحيح ، لأن اللازم في العبادة أن يكون الداعي الأول ـ وهو داعي الدواعي ـ حسنا ، فلا تصح صلاة من صلى ركعتين بقصد القربة وكان داعيه في ذلك تمكنه من الوصول إلى أحد المحرمات.
ولا يتوهم على ذلك بطلان عبادة من يأتي بها خوفا من النار وطمعا في الجنة ، لرجوعها إلى الدواعي النفسانيّة ، لأن الداعي في الحقيقة حب النّفس ، لأنه أيضا يرجع إلى كون نظر العبد إلى المولى ، وكون رجائه وخوفه منه ، وهو شيء مطلوب للمولى حسن عند العقل.
ويمكن أن يجاب عنه بأن أخذ الأجرة ان كان في نفسه راجحا ، كما إذا أراد صرفها في النفقة الواجبة أو المستحبة ، فلا إشكال ، لأن الداعي إلى الداعي أيضا حسن ، وأما في غيره فيمكن ان يؤجر نفسه ابتداء بداعي تملك مال الإجارة ، ثم بعد الإجارة يتوجه إليه الأمر بوجوب الوفاء بما التزم به في الإجارة ، فيقصد الوفاء بأمرها ، ولذا يأتي بالعبادة مع قصد القربة ، فيكون الداعي إلى داعيه أيضا راجحا.