.................................................................................................
______________________________________________________
جعله ـ مرتبا على العمل ، وهو من سنخ العفو والإحسان على العبد ، مثل العفو عن العقاب مع الاستحقاق وإعطاء الثواب تفضلا ، فان ذلك أيضا نحو من القرب ، لأن من كان بعيدا عن ساحة المولى بحيث يستحق العقاب فأكرمه تفضلا ورفع عنه العقاب وأعطاه الثواب ، فقد تقرب منه بعد ما كان بعيدا عنه ، وهذا النحو من القرب لا يتوقف على العمل أصلا ، فضلا عن عمل نفس العبد ، بل تابع لجعل المولى ، فقد يجعل التوبة رافعة للعقاب ، وقد يجعل بعض الحسنات مذهبا للسيئات ، وقد يتفضل على من يشاء ، فانه مبدل السيئات بالحسنات.
وعلى هذا فلا مانع من أن يقول : إذا أتى غيرك بهذا العمل أو من قبلك أرفع عنك العقاب وأعطيك ما كنت أعطيك لو كنت أتيت به ، والمفروض أنه لا مانع من ذلك عقلا ، فحينئذ لو دلّ دليل على كفاية عبادة النائب المتبرع أو الأجير ـ سواء عن تسبيب من المكلف أو بلا تسبيب منه أصلا ـ فلا مانع عقلا من الأخذ به ، ومعلوم انه مع عدم دليل لا يصح القول به ، وعلى هذا لا إشكال للعامل أن يقصد القربة للمنوب عنه ، لأنه بهذا المعنى تحصل القربة له.
واما الإشكال ـ بأن قصد القربة يتوقف على كون العمل قريبا ، مع قطع النّظر عن القربة ، وهو لا يكون قربيا إلّا بالقصد ـ فمندفع : بكفاية كونه قربيا ولو بالقصد في تحقق القصد ، كما في قصد القربة بالنسبة إلى عمل نفسه ، وحينئذ لو قصد القرب بهذا المعنى ، فلا يحتاج إلى رضا المنوب عنه أو تسليمه ، بل يكفيه إمضاء الشارع ، فلا يتوقف الا على الدليل.
ويمكن أن يجاب عن الإشكال بوجه آخر وهو أن المسلّم في العبادة عدم تحققها بدون قصد القربة من رأس سواء صدرت من نفس المكلف أو ممن يعمل من قبله
وأما أن اللازم قصد القربة من الفاعل نائبا أو متبرعا لخصوص المكلف. وان الغى المباشرة وأتى به غيره فليس بإجماعي ، بل يمكن أن يكتفى فيها بقصد القربة من النائب لنفسه ، فيكون المطلوب من المكلّف هو الجامع بين فعله وفعل غيره ، ولم يطلب من الغير ، إما لمانع عن البعث إليه واما لعدم حق عليه في خصوص ذلك الأمر. وذلك مثل أداء الدين الثابت على زيد مثلا ، فانه وان لم يتوجه الا إليه لكن لم يؤخذ