ويمكن أن يقال : إن تقرب المنوب عنه بتسليمه للفعل المتلقى من النائب إلى الآمر بعنوان أنه مولى (١٠٠) ولا فرق في حصول القرب بين أن يسلمه إليه ابتداء ويسلمه إليه بعد أخذه من نائبه. هذا حاصل الوجوه التي أفادها سيدنا الأستاذ طاب ثراه ولكن لم تطمئن بها النّفس.
أقول : ويمكن أن يقال إن الأفعال على وجوه : (منها) ما لا يضاف الا إلى فاعله الحقيقي الصادر منه الفعل مباشرة كالأكل والشرب ونظائرهما. و (منها) ما يضاف إليه وإلى السبب أيضا : كالقتل والإتلاف والضرب ونظائرها و (منها) ما يضاف إلى الغير وان لم يكن فاعلا ولا سببا ، ومن ذلك العقود إذا صدرت عن رضا المالك ، بل ولو لم يكن عنه أيضا ابتداء إذا رضى بذلك بعده ، كما في الإجازة بناء على صيرورة العقد بها عقدا للمالك عرفا ، كما قيل.
ولعل الضابط كل فعل يتوقف تحقق عنوانه في الخارج على القصد ، وأوقعه واحد بقصد الغير ، وكان ذلك الفعل حقا لذلك الغير ابتداء مع رضاه بصدوره بدلا عنه ، فلو صحت هذه الإضافة العرفية وأمضاها الآمر ، فلا بد من ان يعامل هذا الفعل معاملة الفعل الصادر من شخصه (١٠١) كما هو واضح. (مثلا) لو فرضنا أن تعظيم زيد عمراً بدلا
______________________________________________________
(١٠٠) حصول القرب بسبب التسليم ليس إلّا كحصوله بالرضا. ويأتي فيه ما مضى فيه إيرادا وجوابا.
(١٠١) توضيح ذلك : ان القرب على قسمين : قسم منهما يحصل عن استحقاق العبد بالعمل بحيث يكون منع الثواب اللازم لهذه الدرجة ظلما وقبيحا ، كالعقاب مع الامتثال ، وهذا النحو من القرب أثر قهري للعمل لا ينفكّ عنه ، وبهذه الكيفية لا يترتب على غيره ، وقسم منهما يحصل بجعل الآمر ، وان لم يكن ـ مع قطع النّظر عن