.................................................................................................
______________________________________________________
فالظاهر أن العقل يحكم بالاشتغال لما مضى في تحريم تحصيل الاضطرار عليه ، من أن العقاب المنجز على التمام لا يرتفع باحتمال التدارك ، ومع التكرار ثانيا وان لم يحصل القطع بالبراءة أيضا ، لاحتمال التفويت بفعل الناقص ، لكن يجب بحكم العقل تقليل الاحتمال ، كمن اشتبهت عليه القبلة وعجز عن الصلاة إلى أربع جهات ، فان العقل يحكم بإتيانها إلى ثلاث جهات وان لم يقطع بالبراءة معها.
ان قلت : ان كان في المقام إطلاق يدل على أن المضطر في ساعة يجب عليه الناقص ، حتى يجوز البدار وتحصيل الاضطرار ، فقد مرّ ـ في الحاشية السابقة ـ أنه يستكشف منه عدم التفويت ، وان لم يكن إطلاق يشمل ذلك الاضطرار المرتفع بعد ساعة ، فموضوع الحكم بالناقص بعد غير محرز حتى يقال هل الإتيان به مجز عن التام أم لا؟ بل الأمر بالتام معلوم والشك في ارتفاعه ، والظاهر ان القائل بالبراءة لا يقصد المقام قطعا ، لأن المقام مقام استصحاب الحكم بالتام لا البراءة عنه.
قلت : أولا : هذا إشكال آخر على القائل بالبراءة ، لأنه مع الإطلاق لا مجال للبراءة ، ومع عدمه يستصحب وجوب التام.
واما ثانيا : فيما قلنا في الحاشية السابقة من ان الإطلاق لا ينهض دليلا على عدم التفويت لاحتمال المصلحة في الجعل ، وهي ملازمة للإذن في البدار لا في تحصيل الاضطرار ، فيمكن في خصوص الفرض الحكم بالاشتغال ، وان كان الإطلاق موجودا ، وان فرض في المتن محل النزاع خصوص المورد الخالي عن الإطلاق ، بل قد يقال في غير الفرض أيضا بوجوب التام ، يعنى أن من كان عاجزا في أول الوقت وأتى بالناقص يجب عليه الإتيان بالتام عند حصول القدرة أيضا بمقتضى الاستصحاب التعليقي ، فانه لو كان قادرا لكان يجب عليه التام ، فيستصحب الملازمة بين القدرة ووجوب التام ، للعلم بوجودها قبل فعل الناقص والشك فيها بعده ، ولا تنقض اليقين ... ومقتضى ذلك إيجاب التام عند حصول القدرة ، وهو مقدم على استصحاب عدم وجوبه الفعلي ، كما حقق في محله.