إذا عرفت هذا فنقول : إن المتكلم ـ بالألفاظ الدالة على الصفات الخاصة الموجودة في النّفس ـ لو تكلم بها ولم تكن مقارنة لوجود تلك الصفات أصلا ، نلتزم بعدم كونها مستعملة في معانيها. وأما إن كانت مقارنة لوجود تلك الصفات ، فهذا استعمال في معانيها ، وإن لم يكن تحقق تلك الصفات بواسطة تحقق المبدأ في متعلقاتها فتأمل جيدا.
(الفصل الثاني)
(في الطلب والإرادة)
قد اشتهر النزاع بين العدلية والأشاعرة في أن الطلب هل هو عين الإرادة أو غيرها؟ وذهب الأول إلى الأول والثاني إلى الثاني. وملخص الكلام في المقام أن يقال : إن أراد الأشاعرة
______________________________________________________
لا فرق في تأثيرها بين تحققها من مصلحة المراد أو مصلحة ذاتها ، فكما ان في الأولى تجب الإطاعة وتحرم المخالفة ، كذلك في الثانية تجب الإطاعة وتحرم المخالفة ، ويترتب عليها جميع ما يترتب على الإرادة الناشئة عن العلم بالمصلحة في المراد.
هذا في الأوامر والنواهي الصادرة لغير مصلحة في الفعل من الامتحان والتعجيز والتهديد والسخرية وأمثال ذلك. وأما التمني والترجي فهما كاشفان عن حالة نفسانية ناشئة (تارة) عن الميل النفسانيّ بوقوع الفعل مع العلم باستحالته أو رجاء وقوعه ، و (تارة) عن العلم بالنفع في إيجاد تلك الحالة مع العلم بوقوعه ، أو عدم الميل إلى وقوعه وكذا الاستفهام كاشف عن حالة نفسانية تحصل بعد الجهل بالواقع ، مع اشتياق التعلم والسؤال (تارة) ، ومن العلم بالمصلحة في إيجادها (أخرى) ولو مع العلم بكيفية الحال.