المقدار يتم ومع ذلك يتمشى قصد البقاء من المكلف ، مع علمه بان ما هو المقصود ليس منشأ للأثر المهم ، وانما يترتب الأثر على نفس القصد ، ومنع تمشي القصد منه ـ مع هذا الحال ـ خلاف ما نشاهد من الوجدان ، كما هو واضح فتعين ان الإرادة قد توجدها النّفس لمنفعة فيها لا في المراد ، فإذا صح ذلك في الإرادة التكوينية صح في التشريعية أيضا ، لأنها ليست بأزيد مئونة منها. وكذا الحال في باقي الصفات ، من قبيل التمني والترجي.
______________________________________________________
حدوث الشوق ، والعلم بالنفع ـ السالم عن المزاحم عند المزاحمة بما هو أقوى ـ كاف في الاختيارية ، فانه لا فرق ـ في كون الشيء تحت القدرة والاختيار ـ بين كون المقتضى مقدورا أو المانع. ولذا يصح النهي عن إيجاد شخص آخر فعلا في الخارج مع قدرته على المنع.
ثم إنه بعد ما علم المقصود من اختيارية الإرادة على كلا التقديرين يظهر حال ردّ اختيارية الإرادة بالتسلسل ، بزعم أن المقصود كونها مسبوقة بالإرادة مطلقا. وقد عرفت أنه على الثاني لم تكن مسبوقة بالإرادة أصلا ، وعلى الأول وإن كانت إرادة الشيء مسبوقة بالإرادة ، لكن إرادتها ليست مسبوقة بإرادة أخرى ، بل ناشئة عن العلم بالمصلحة فيها ، كباقي الاختياريات.
هذا ولكن لا يخفى أن ذلك فيما لا يكون المراد محالا ، وإلّا فلا يمكن تحقق إرادة المحال لمصلحة في نفسها ، لأن إرادة المحال مع العلم بالاستحالة محال ، فحينئذ لا بد ـ في تصحيح الأمر التعجيزي مع العلم باستحالته الذاتيّة أو العادية كقوله تعالى : (فأتوا بسورة من مثله) ـ من ارتكاب المجازية ، باستعمال الهيئة في العجز النّفس الأمري ، فتكون الهيئة كاشفة عن العجز لا عن إرادة شيء. وأما في غيره مما يكون المراد ممكنا فيمكن إيجاد الإرادة لمصلحة في نفسها ، واستعمال الهيئة في الإرادة. ومعلوم أن ما ذكرنا من اختيارية الإرادة لا فرق فيه بين الإرادة التكوينية والتشريعية ، فكما أن الإرادة التكوينية لا فرق في تأثيرها بين تولّدها من العلم بالمصلحة في المراد أو العلم بالمصلحة في ذات الإرادة ، كذلك الإرادة التشريعية