يَشاءُ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ، الرابع : الهداية فى الآخرة إلى الجنة المعنى بقوله : (سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ) ـ (وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍ) إلى قوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا) وهذه الهدايات الأربع مترتبة فإن من لم تحصل له الأولى لا تحصل له الثانية بل لا يصح تكليفه ، ومن لم تحصل له الثانية لا تحصل له الثالثة والرابعة ، ومن حصل له الرابع فقد حصل له الثلاث التي قبلها ، ومن حصل له الثالث فقد حصل له اللذان قبله. ثم ينعكس فقد تحصل الأولى ولا يحصل له الثاني ولا يحصل الثالث ، والإنسان لا يقدر أن يهدى أحدا إلا بالدعاء وتعريف الطرق دون سائر أنواع الهدايات وإلى الأول أشار بقوله : (وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) ـ (يَهْدُونَ بِأَمْرِنا) ـ (وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ) أي داع ، وإلى سائر الهدايات أشار بقوله تعالى : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ) وكل هداية ذكر الله عزوجل أنه منع الظالمين والكافرين فهى الهداية الثالثة وهى التوفيق الذي يختص به المهتدون ، والرابعة التي هى الثواب فى الآخرة وإدخال الجنة نحو قوله عزوجل : (كَيْفَ يَهْدِي اللهُ قَوْماً) إلى قوله : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وكقوله : (ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) وكل هداية نفاها الله عن النبي صلىاللهعليهوسلم وعن البشر ، وذكر أنهم غير قادرين عليها فهى ما عدا المختص من الدعاء وتعريف الطريق ، وذلك كإعطاء العقل والتوفيق وإدخال الجنة ، كقوله عز ذكره : (لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) ـ (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدى) ـ (وَما أَنْتَ بِهادِ الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ) ـ (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُ) ـ (وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ) ـ (وَمَنْ يَهْدِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍ) ـ (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ) وإلى هذا المعنى أشار بقوله تعالى : (أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) وقوله : (مَنْ يَهْدِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ) أي طالب الهدى ومتحريه هو الذي يوفقه ويهديه إلى طريق الجنة لا من ضاده فيتحرى طريق الضلال والكفر كقوله : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) وفى أخرى : (الظَّالِمِينَ) وقوله : (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كاذِبٌ كَفَّارٌ) الكاذب الكفار هو الذي لا يقبل هدايته ، فإن ذلك راجع إلى هذا وإن لم يكن لفظه موضوعا لذلك ، ومن لم يقبل هدايته لم يهده ، كقولك من لم يقبل هديتى لم أهد له ومن لم يقبل عطيتى لم أعطه ، ومن رغب عنى لم أرغب فيه ، وعلى هذا النحو قوله تعالى : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) وفى أخرى : (الْفاسِقِينَ) وقوله : (أَفَمَنْ يَهْدِي