(أَوْ مِنْ وَراءِ جُدُرٍ) فإن ذلك يقال فى أي جانب من الجدار ، فهو وراءه باعتبار الذي فى الجانب الآخر. وقوله : (وَراءَ ظُهُورِهِمْ) أي خلفتموه بعد موتكم وذلك تبكيت لهم فى أن لم يتوصلا بما لهم إلى اكتساب ثواب الله تعالى به وقوله : (فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ) فتبكيت لهم أي لم يعملوا به ولم يتدبروا آياته ، وقوله : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ) أي من ابتغى أكثر مما بيناه وشرعناه من تعرض لمن يحرم التعرض له فقد تعدى طوره وخرق ستره : (وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ) اقتضى معنى ما بعده ، ويقال ورى الزند يرى وريا إذا خرجت ناره وأصله أن يخرج النار من وراء المقدح كأنما تصور كمونها فيه كما قال :
ككمون النار فى حجره
يقال ورى يرى مثل ولى يلى ، قال تعالى : (أَفَرَأَيْتُمُ النَّارَ الَّتِي تُورُونَ) ويقال فلان وارى الزند إذا كان منجحا ، وكابى الزند إذا كان مخفقا ، واللحم الواري السمين. والوراء ولد الولد وقولهم وراءك للإغراء ومعناه تأخر ، يقال وراءك أوسع لك ، نصب بفعل مضمر أي ائت وقيل تقديره يكن أوسع لك أي تنح ، وائت مكانا أوسع لك. والتوراة الكتاب الذي ورثوه عن موسى وقد قيل هو فوعلة ولم يجعل تفعلة لقلة وجود ذلك والتاء بدل من الواو نحو تيقور ؛ لأن أصله ويقور ، التاء بدل الواو من الوقار وقد تقدم.
(وزر) : الوزر الملجأ الذي يلتجأ إليه من الجبل ، قال تعالى : (كَلَّا لا وَزَرَ إِلى رَبِّكَ) والوزر الثقل تشبيها بوزر الجبل ويعبر بذلك عن الإثم كما يعبر عنه بالثقل ، قال : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً) الآية ، كقوله : (وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ) وحمل وزر الغير فى الحقيقة هو على نحو ما أشار إليه صلىاللهعليهوسلم بقوله : «من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من غير أن ينقص من أجره شىء ، ومن سن سنة سيئة كان له وزرها ووزر من عمل بها» أي مثل وزر من عمل بها. وقوله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا يحمل وزره من حيث يتعرى المحمول عنه ، وقوله : (وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ) أي ما كنت فيه من أمر الجاهلية فأعفيت بما خصصت به عن تعاطى ما كان عليه قومك ، والوزير المتحمل ثقل أميره وشغله ، والوزارة على بناء الصناعة. وأوزار الحرب واحدها وزر : آلتها من السلاح. والموازرة المعاونة ، يقال وازرت فلانا موازرة أعنته على أمره ، قال : (وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي) ـ (وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ).