وأما الحروف :
فالأول : أن يكون ما بعده بمنزلة المصدر كأن الناصبة للفعل المستقبل نحو قوله تعالى : (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) فإن ما مع رزق فى تقدير الرزق والدلالة على أنه مثل أن أنه لا يعود إليه ضمير لا ملفوظ به ولا مقدر فيه ، وعلى هذا حمل قوله : (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) وعلى هذا قولهم أتانى القوم ما عدا زيدا ، وعلى هذا إذا كان فى تقدير ظرف نحو قوله تعالى : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ) ـ (كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللهُ) ـ (كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً) وأما قوله : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ) فيصح أن يكون مصدرا وأن يكون بمعنى الذي. واعلم أن ما إذا كان مع ما بعدها فى تقدير المصدر لم يكن إلا حرفا ؛ لأنه لو كان اسما لعاد إليه ضمير ، وكذلك قولك أريد أن أخرج ، فإنه لا عائد من الضمير إلى أن ، ولا ضمير لها بعده.
الثاني : للنفى وأهل الحجاز يعملونه بشرط نحو قوله : (ما هذا بَشَراً).
الثالث : الكافة وهى الداخلة على أن وأخواتها ورب ونحو ذلك والفعل. نحو قوله : (إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ) ـ (إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً) ـ (كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ) وعلى ذلك «ما» فى قوله : (رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا) وعلى ذلك قلما وطالما فيما حكى.
الرابع : المسلطة وهى التي تجعل اللفظ متسلطا بالعمل بعد أن لم يكن عاملا نحو : «ما» فى إذ ما وحيثما ؛ لأنك تقول إذ ما تفعل أفعل ، وحيثما تقعد أقعد ، فإذ وحيث لا يعملان بمجردهما فى الشرط ويعملان عند دخول «ما» عليهما.
الخامس : الزائدة لتوكيد اللفظ فى قولهم إذا ما فعلت كذا ، وقولهم إما تخرج أخرج قال تعالى : (فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً) ، وقوله : (إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما).