ما يقتضى الحياة الأبدية إذ كان الجاهل والغافل عن الآخرة فى حكم الأموات ، ألا ترى أنه وصفهم بذلك فى قوله تعالى : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ) وعلى هذا : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) ألا ترى أنه قال : (وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ) وقوله تعالى : (لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ) فإنه ذكر لفظ القتل دون الذبح والذكاة ، إذ كان القتل أعم هذه الألفاظ تنبيها أن تفويت روحه على جميع الوجوه محظور ، يقال أقتلت فلانا عرضته للقتل واقتتله العشق والجن ولا يقال ذلك فى غيرهما ، والاقتتال كالمقاتلة ، قال تعالى : (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا).
(قحم) : الاقتحام توسط شدة مخيفة ، قال تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ) ـ (هذا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ) وقحم الفرس فارسه : توغل به ما يخاف عليه ، وقحم فلان نفسه فى كذا من غير روية ، والمقاحيم الذين يقتحمون فى الأمر ، قال الشاعر :
مقاحيم فى الأمر الذي يتجنب
ويروى : يتهيب.
(قدد) : القد قطع الشيء طولا ، قال تعالى : (إِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ قُبُلٍ) ـ (وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ) والقد المقدود ، ومنه قيل لقامة الإنسان قد كقولك تقطيعه ، وقددت اللحم فهو قديد ، والقدد الطرائق ، قال تعالى : (طَرائِقَ قِدَداً) الواحدة قدة ، والقدة الفرقة من الناس والقدة كالقطعة واقتد الأمر دبره كقولك فصله وصرمه ، وقد : حرف يختص بالفعل والنحويون يقولون هو للتوقع وحقيقته أنه إذا دخل على فعل ماض فإنما يدخل على كل فعل متجدد نحو قوله تعالى : (قَدْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) ـ (قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ) ـ (لَقَدْ سَمِعَ اللهُ) ـ (لَقَدْ رَضِيَ اللهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ) ـ (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى النَّبِيِ) وغير ذلك ولما قلت لا يصح أن يستعمل فى أوصاف الله تعالى الذاتية. فيقال قد كان الله عليما حكيما وأما قوله قد : (عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى) فإن ذلك متناول للمرض فى المعنى كما أن النفي فى قولك : ما علم الله زيدا يخرج ، وهو للخروج وتقدير ذلك قد يمرضون فيما علم الله ، وما يخرج زيد فيما علم الله وإذا دخل «قد» على المستقبل من الفعل فذلك الفعل يكون فى حالة دون حالة نحو قوله تعالى : (قَدْ يَعْلَمُ اللهُ الَّذِينَ يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً) أي قد يتسللون أحيانا فيما