فيسمى بكل واحد منهما حسبما يتصور منه ويعرض فيه ، وقال بعضهم : سميت مفازة من قولهم فاز الرجل إذا هلك ، فإن يكن فوز بمعنى هلك صحيحا فذلك راجع إلى الفوز تصورا لمن مات بأنه نجا من حبالة الدنيا ، فالموت وإن كان من وجه هلكا فمن وجه فوز ولذلك قيل ما أحد إلا والموت خير له ، هذا إذا اعتبر بحال الدنيا ، فأما إذا اعتبر بحال الآخرة فيما يصل إليه من النعيم فهو الفوز الكبير (فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ) وقوله تعالى : (فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ) فهى مصدر فاز والاسم الفوز أي لا تحسبنهم يفوزون ويتخلصون من العذاب. وقوله تعالى : (إِنَّ لِلْمُتَّقِينَ مَفازاً) أي فوزا ، أي مكان فوز ثم فسر فقال تعالى : (حَدائِقَ وَأَعْناباً) الآية. وقوله تعالى : (وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ) إلى قوله تعالى : (فَوْزاً عَظِيماً) أي يحرصون على أغراض الدنيا ويعدون ما ينالونه من الغنيمة فوزا عظيما.
(فوض) : قال تعالى : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللهِ) أرده إليه وأصله من قولهم ما لهم فوضى بينهم قال الشاعر :
طعامهم فوضى فضا فى رحالهم
ومنه شركة المفاوضة.
(فيض) : فاض الماء إذا سال منصبا ، قال تعالى : (تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ) وأفاض إناءه إذا ملأه حتى أساله وأفضته ، قال تعالى : (أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ) ومنه فاض صدره بالسر أي سال ورجل فياض أي سخى ومنه استعير أفاضوا فى الحديث إذا خاضوا فيه ، قال تعالى : (لَمَسَّكُمْ فِيما أَفَضْتُمْ فِيهِ) ـ (هُوَ أَعْلَمُ بِما تُفِيضُونَ فِيهِ) ـ (إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) وحديث مستفيض منتشر ، والفيض الماء الكثير ، يقال إنه أعطاه غيضا من فيض أي قليلا من كثير وقوله تعالى : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) وقوله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ) أي دفعتم منها بكثرة تشبيها بفيض الماء ، وأفاض بالقداح ضرب بها ، وأفاض البعير بجرته رمى بها ودرع مفاضة أفيضت على لابسها كقولهم درع مسنونة من سننت أي صببت.