فذاق ، ويقال فلان ذاق كذا وأنا أكلته أي خبرته فوق ما خبر ، وقوله : (فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ) فاستعمال الذوق مع اللباس من أجل أنه أريد به التجربة والاختبار ، أي فجعلها بحيث تمارس الجوع والخوف ، وقيل إن ذلك على تقدير كلامين كأنه قيل أذاقها طعم الجوع والخوف وألبسها لباسهما. وقوله : (وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً) فإنه استعمل فى الرحمة الإذاقة وفى مقابلتها الإصابة فقال : (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ) تنبيها على أن الإنسان بأدنى ما يعطى من النعمة يأشر ويبطر إشارة إلى قوله : (كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى. أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى).
(ذو) : ذو على وجهين أحدهما يتوصل به إلى الوصف بأسماء الأجناس والأنواع ويضاف إلى الظاهر دون المضمر ويثنى ويجمع ، ويقال فى المؤنث ذات وفى التثنية ذواتا وفى الجمع ذوات ، ولا يستعمل شىء منها إلا مضافا ، قال : (وَلكِنَّ اللهَ ذُو فَضْلٍ) وقال : (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى) ـ (وَذِي الْقُرْبى) ـ (وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ) ـ (ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى) ـ (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) ـ (وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ) ـ (وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ) وقال : (ذَواتا أَفْنانٍ) وقد استعار أصحاب المعاني الذات فجعلوها عبارة عن عين الشيء جوهرا كان أو عرضا واستعملوها مفردة ومضافة إلى المضمر ، بالألف واللام وأجروها مجرى النفس والخاصة فقالوا ذاته ونفسه وخاصته ، وليس ذلك من كلام العرب والثاني : فى لفظ ذو لغة لطيئ يستعملونه استعمال الذي ، ويجعل فى الرفع ، والنصب ، والجر ، والجمع ، والتأنيث على لفظ واحد نحو :
وبئرى ذو حفرت وذو طويت
أي التي حفرت والتي طويت ، وأما ذا فى هذا فإشارة إلى شىء محسوس أو معقول ، ويقال فى المؤنث ذه وذى وهاتا فيقال هذه وهذى ، وهاتا ولا تثنى منهن إلا هاتا فيقال هاتان. قال تعالى : (أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَ) ـ (هذا ما تُوعَدُونَ) ـ (هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ) ـ (إِنْ هذانِ لَساحِرانِ) إلى غير ذلك (هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ) ـ (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ) ويقال بإزاء هذا فى المستبعد بالشخص أو بالمنزلة ذاك وذلك ، قال تعالى : (الم ذلِكَ الْكِتابُ) ـ (ذلِكَ مِنْ آياتِ اللهِ) ـ (ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى) إلى غير ذلك.