«تماثيل» : جمع تمثال ، بمعنى الرسم والصورة والمجسمة ؛ «جفان : جمع «جفنة بمعنى إناء الطعام ؛ «جوابي : جمع «جابية بمعنى حوض الماء.
وهنا يستفاد أنّ المقصود من التعبير الوارد في الآية الكريمة ، أنّ هؤلاء العمّال قد صنعوا لسليمان عليهالسلام أواني للطعام كبيرة جدّاً ، بحيث إنّ كلّاً منها كان كالحوض ، لكي يستطيع عدد كبير من الأفراد الجلوس حوله وتناول الطعام منه.
«قدور» : جمع «قدر» على وزن «قشر». بنفس معناه الحالي ، أي الإناء الذي يطبخ فيه الطعام ؛ و «راسيات : جمع «راسية بمعنى ثابتة ، والمقصود أنّ القدور كانت من العظمة بحيث لا يمكن تحريكها من مكانها.
وتعرج الآية في الختام وبعد ذكر هذه المواهب الإلهية ، إلى آل داود فتخاطبهم : (اعْمَلُواءَالَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِىَ الشَّكُورُ).
والمقصود من (الشكر) هو (الشكر العملي) ، أي الإستفادة من تلك المواهب في طريق الأهداف التي خلقت لأجلها ، والمسلّم به أنّ الذين يستفيدون من المواهب الإلهية في طريق الأهداف التي خلقت لأجلها هم الندرة النادرة.
آخر آية من هذه الآيات ، وهي آخر حديث عن النبي سليمان عليهالسلام ، يخبرنا الله سبحانه وتعالى فيها بطريقة موت ذلك النبي العجيبة والداعية للإعتبار. يقول تعالى : (فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنسَأَتَهُ) (١).
وتضيف الآية بعد ذلك : (فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَن لَّوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِى الْعَذَابِ الْمُهِينِ). «تبيّنت» : من مادة «بيّن» بمعنى «العلم والإطّلاع». يعنى أنّ الجن لم يعلموا بموت سليمان إلى ذلك الوقت ، ثم علموا وفهموا أنّهم لو كانوا يعلمون الغيب لما بقوا حتى ذلك الحين في تعب وآلام الأعمال الشاقة التي كلّفوا بها.
(لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ (١٥) فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَيْ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ (١٦) ذلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ) (١٧)
__________________
(١) «منسأته» : من مادة «نسأ» وهو التأخير في الوقت ؛ والمنسأة : عصا يُنسأ بها الشيء ، أي يؤخّر.