مثل ذلك العالم بعد عالمنا الحالي لمنكري القيامة ، فيقول تعالى : (لِيَجْزِىَ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ).
فإن لم يُجاز المؤمنين بصالح عملهم ثواباً ، أفلا يعني ذلك تعطيل أصل العدالة الذي هو أهم أصل من اصول الخلقة؟
«الرزق الكريم» يشمل كل رزق ذي قيمة ، ومفهوم ذلك واسع.
وبتعبير آخر : فإنّ «الجنة» بكل نعمها المعنوية والماديّة جمعت في هذه الكلمة.
ثم تضيف الآية التالية ، موضّحة نوعاً آخر من العدالة فيما يخصّ عقاب المذنبين والمجرمين ، فيقول تعالى : إنّ الذين كذّبوا آياتنا وسعوا في إنكارها وإبطالها وتصوروا أنّهم يستطيعون الخلاص من دائرة قدرتنا ... (وَالَّذِينَ سَعَوْ فِىءَايَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مِّن رِّجْزٍ أَلِيمٌ).
«الرّجز» : في الأصل بمعنى الإضطراب وعدم القدرة على حفظ التوازن ، ثم اطلقت الكلمة على كل ذنب ورجس. فالمقصود من (الرجز) هنا ، أسوأ أنواع العذاب ـ الذي يتأكّد بإرداف كلمة «الأليم» أيضاً.
«سعو» : من «السعي» ، بمعنى كل جهد وجدّ في أمر ، والمقصود منها هنا ، الجدّ والجهد في تكذيب وإنكار آيات الحق وصدّ الناس عن طريق الله سبحانه وتعالى.
«معاجزين» : من «المعاجزة» ، بمعنى معجّزين ، أي مثبّطين ، أنّ هذا الوصف يستخدم للمجرمين لتوّهمهم بأنّه يستطيع القيام بأيّة جناية يشاء ، ثم يستطيع الفرار من سلطة القدرة الإلهية.
(وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ الَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ هُوَ الْحَقَّ وَيَهْدِي إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (٦) وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلَى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ (٧) أَفْتَرَى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ بَلِ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ فِي الْعَذَابِ وَالضَّلَالِ الْبَعِيدِ (٨) أَفَلَمْ يَرَوْا إِلَى مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنْ نَشَأْ نَخْسِفْ بِهِمُ الْأَرْضَ أَوْ نُسْقِطْ عَلَيْهِمْ كِسَفاً مِنَ السَّمَاءِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) (٩)