الفرق بين «الولي» و «النصير» هنا هو : أنّ «الولي» من يتولّى القيام بكل الأعمال وتنفيذها ، أمّا «النصير» فهو الذي يعين على الوصول إلى الهدف المطلوب ، إلّاأنّ هؤلاء الكافرين لا وليّ لهم في القيامة ولا نصير.
ثم بيّنت جزءاً آخر من عذابهم الأليم في القيامة فقالت : (يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِى النَّارِ). وهذا التقليب إمّا أن يكون في لون البشرة والوجه حيث تصبح حمراء أو سوداء أحياناً ، أو من جهة تقلّبهم في النار ولهيبها حيث تكون وجوههم في مواجهة النار أحياناً ، وأحياناً جوانب اخرى (نعوذ بالله من ذلك).
هنا ستنطلق صرخات حسرتهم ، و (يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا). فإنّا لو كنّا أطعناهما لم يكن ينتظرنا مثل هذا المصير الأسود الأليم.
(وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا).
«السادة»: جمع «سيّد» ، وهو المالك العظيم الذي يتولّى إدارة المدن المهمة أو الدول ؛ و «الكبراء» جمع «كبير» وهو الفرد الكبير سواء من ناحية السنّ ، أو العلم ، أو المركز الاجتماعي وأمثال ذلك. وبهذا فإنّ السادة إشارة إلى رؤساء البلاد العظام ، والكبراء هم الذين يتولّون إدارة الامور تحت إشراف اولئك السادة ، ويعتبرون معاونين ومشاورين لهم ، وكأنّهم يقولون : إنّنا قد جعلنا طاعة السادة محل طاعة الله ، وطاعة الكبراء مكان طاعة الأنبياء ، فابتلينا بأنواع الإنحرافات والتعاسة والشقاء.
هنا تثور ثائرة هؤلاء الجهنميين الضالين ، ويطلبون من الله سبحانه أن يزيد في عذاب مضلّيهم وعقابهم أشدّ عقاب فيقولون : (رَبَّنَاءَاتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْنًا كَبِيرًا) ـ عذاب لضلالهم وعذاب لإضلالهم ـ.
من المسلم أنّ هؤلاء يستحقون العذاب واللعن ، واستحقاقهم للعذاب المضاعف واللعن الكبير بسبب سعيهم في سبيل إضلال الآخرين ، ودفعهم إلى طريق الإنحراف.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللهِ وَجِيهاً (٦٩) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) (٧١)