حتمي ، وله جذوره ونظائره في التاريخ ، ولا سبيل إلى تغييره وتبديله ، فإمّا أن ينتهوا عن أعمالهم المخزية ، أو أن ينتظروا هذا المصير المؤلم.
إنّ هذا الحكم كسائر الأحكام الإسلامية لا يختص بزمان أو مكان أو أشخاص.
إذا كان نفث السموم والتآمر قد تجاوز الحد على أرض الواقع ، وأصبح كتيار جارف يهدّد المجتمع الإسلامي بأخطار حقيقية ، فما المانع من أن تنفّذ الحكومة الإسلامية أوامر الآيات أعلاه ، والتي انزلت على النبي صلىاللهعليهوآله ومنحته هذه الصلاحية ، وتعبىء الناس للقضاء على جذور الفساد.
والمراد من السنّة في مثل هذه الموارد : القوانين الإلهية الثابتة والأساسية ، سواء التكوينية منها أم التشريعية ، التي لا تتغيّر مطلقاً.
(يَسْأَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِنْدَ اللهِ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً (٦٣) إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيراً (٦٤) خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً لَا يَجِدُونَ وَلِيّاً وَلَا نَصِيراً (٦٥) يَوْمَ تُقَلَّبُ وُجُوهُهُمْ فِي النَّارِ يَقُولُونَ يَا لَيْتَنَا أَطَعْنَا اللهَ وَأَطَعْنَا الرَّسُولَا (٦٦) وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (٦٧) رَبَّنَا آتِهِمْ ضِعْفَيْنِ مِنَ الْعَذَابِ وَالْعَنْهُمْ لَعْناً كَبِيراً) (٦٨)
يسألون أيّان يوم القيامة : كانت الآيات السابقة تتحدث عن مؤامرات المنافقين والأشرار ، وقد اشير في هذه الآيات التي نبحثها إلى واحدة اخرى من خططهم الهدّامة ، وأعمالهم المخرّبة ، حيث كانوا يطرحون أحياناً هذا السؤال : متى تقوم القيامة التي يخبر بها محمّد ويذكر لها كل هذه الصفات؟ وذلك إمّا استهزاءً ، أو لزرع الشك فيها في قلوب البسطاء ، فتقول الآية : (يَسْئَلُكَ النَّاسُ عَنِ السَّاعَةِ).
ثم تقول الآية ـ مورد البحث ـ في مقام جوابهم : (قُلْ إِنَّمَا عِلْمُهَا عِندَ اللهِ) ولا يعلمها حتى المرسلون والملائكة المقربون.
ثم تضيف بعد ذلك : (وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا).
ثم تطرقت الآية إلى تهديد الكافرين ، وتناولت جانباً من عقابهم الأليم ، فقالت : (إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا * خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا لَّايَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا).