المسألة. تقول الآية : (لَّاجُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِىءَابَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ).
وبتعبير آخر : فإنّ محارمهن الذين استثنوا في الآية هم هؤلاء الستّة فقط.
ويتغيّر اسلوب الآية في نهايتها من الغائب إلى المخاطب ، فتخاطب نساء النبي صلىاللهعليهوآله وتقول : (وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلّ شَىْءٍ شَهِيدًا). فإنّ الحجاب والستر وأمثالهما وسائل للحفظ والإبعاد عن الذنب والمعصية ليس إلّا ، والدعامة الأساسية هي التقوى فحسب ، ولولاها فسوف لا تنفع كل هذه الوسائل.
(إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦) إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَاباً مُهِيناً (٥٧) وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً) (٥٨)
الصلاة على النبي والسلام عليه : بعد البحوث التي مرّت في الآيات السابقة حول وجوب حفظ حرمة النبي صلىاللهعليهوآله وعدم إيذائه ، فإنّ هذه الآيات تتحدث أوّلاً عن محبة الله وملائكته للنبي صلىاللهعليهوآله وتعظيمهم له ، وبعد ذلك تأمر المؤمنين بذلك ، ثم تذكر العواقب المشؤومة الأليمة لُاولئك الذين يؤذون النبي صلىاللهعليهوآله ثم تبيّن أخيراً عظم ذنب الذين يؤذون المؤمنين باتّهامهم والإفتراء عليهم. تقول أوّلاً : (إِنَّ اللهَ وَمَلِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِىّ).
إنّ مقام النبي صلىاللهعليهوآله ومنزلته من العظمة بمكان ، بحيث إنّ خالق عالم الوجود ، وكل الملائكة الموكّلين بتدبير أمر هذا العالم بأمر الله سبحانه يصلّون عليه ، وإذا كان الأمر كذلك فضمّوا أصواتكم إلى نداء عالم الوجود هذا ، ف (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلّمُوا تَسْلِيمًا).
إنّه جوهرة نفيسة لعالم الخلقة ، وقد جُعل بينكم بلطف الله ، فلا تستصغروا قدره ، ولا تنسوا مقامه ومنزلته عند الله وملائكة السماوات ...
«الصلاة» : وجمعها «صلوات» ، كلّما نسبت إلى الله سبحانه فإنّها تعني «إرسال الرحمة» ، وكلّما نسبت إلى الملائكة فإنّها تعني «طلب الرحمة».
إنّ التعبير ب «يصلّون» وهو فعل مضارع يدل على الاستمرار ، يعني أنّ الله وملائكته يصلّون عليه دائماً وباستمرار صلاة دائمة خالدة.