إنّ «صلّوا» أمر بطلب الرحمة والصلاة على النبي ، أمّا «سلّموا» فتعني التسليم لأوامر نبي الأكرم صلىاللهعليهوآله ، أو أن يكون بمعنى «السلام» على النبي صلىاللهعليهوآله ب (السلام عليك يا رسول الله) وما أشبه ذلك ، والذي يعني طلب سلامة النبي من الله سبحانه.
مما يلفت النظر أنّه قد ورد صريحاً في كيفية الصلاة على النبي صلىاللهعليهوآله وفي روايات لا تحصى من طرق العامة وأهل البيت ، أن يضاف (آل محمّد) عند الصلوات على محمّد صلىاللهعليهوآله ، وكيفية الصلاة هي : أللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد.
ثم تبيّن الآية التالية النقطة المقابلة للآية السابقة ، فتقول : (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِى الدُّنْيَا وَالْأَخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا).
والمراد من أذى الله سبحانه هو الكفر والإلحاد الذي يُغضِب الله عزوجل.
وأمّا ايذاء نبي الخاتم صلىاللهعليهوآله فله معنى واسع ، ويشمل كل عمل يؤذيه.
بل ويستفاد من الرواية الواردة في ذيل الآية أنّ ايذاء أهل بيت النبي وخاصة علي وفاطمة عليهماالسلام ، يدخل ضمن الآية ، وقد جاء في المجلد الرابع من صحيح البخاري ، أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «فاطمة» بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني.
وورد هذا الحديث في المجلد السابع من صحيح مسلم بهذه العبارة : «إنّما فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها».
وروي هذا المعنى في حق علي عليهالسلام عن النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله (١).
وتتحدث الآية الأخيرة عن ايذاء المؤمنين ، وتهتمّ به جدّاً بعد ايذاء الله ورسوله صلىاللهعليهوآله فتقول : (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا). لأنّ للمؤمن علاقة بالله ورسوله عن طريق الإيمان ، ولهذا جعل في مرتبة الله ورسوله هنا.
وتعبير (بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا) إشارة إلى أنّ هؤلاء لم يرتكبوا ذنباً حتى يؤذوا.
وفي عيون أخبار الرضا عن الإمام الرضا عليهالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : من بهت مؤمناً أو مؤمنة ، أو قال فيه ما ليس فيه أقامه الله تعالى يوم القيامة على تلّ من نار حتى يخرج مما قاله فيه».
__________________
(١) تفسير مجمع البيان ذيل الآية مورد البحث.