ثم تبيّن الآية الحكم الرابع في باب الحجاب ، فتقول : (وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَسَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ).
ومن الواضح أنّ جعل نساء النبي عرضة لأنظار الناس ـ وإن كنّ يرتدين الحجاب الإسلامي ـ لم يكن بالأمر الحسن ، ولذلك صدر الأمر إلى الناس إذا سألتم أزواج النبي صلىاللهعليهوآله شيئاً تحتاجون إليه ، فاسألوهنّ من وراء الستر.
ولذلك بيّن القرآن فلسفة هذا الحكم فقال : (ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ).
ثم تبيّن الآية الحكم الخامس بأنّه : (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ). فبالرغم من أنّ هذا العمل قد ذكر في نفس الآية ، ولكن معنى الآية فهو يشمل كل نوع من الأذى.
وأخيراً تبيّن الآية الحكم السادس والأخير في مجال حرمة الزواج بنساء النبي صلىاللهعليهوآله من بعده ، فقالت : (وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذلِكُمْ كَانَ عِندَ اللهِ عَظِيمًا).
وحذّرت الآية الثانية الناس بشدة ، فقالت : (إِن تُبْدُوا شَيًا أَوْ تُخْفُوهُ فَإِنَّ اللهَ كَانَ بِكُلّ شَىْءٍ عَلِيمًا). فلا تظنّوا أنّ الله سبحانه لا يعلم ما خططتم له في سبيل ايذاء النبي صلىاللهعليهوآله سواء ما ذكرتموه ، أو الذي أضمرتموه ، فإنّه تعالى يعلم كل ذلك جيداً ، ويعامل كل إنسان بما يناسب عمله.
(لَا جُنَاحَ عَلَيْهِنَّ فِي آبَائِهِنَّ وَلَا أَبْنَائِهِنَّ وَلَا إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ إِخْوَانِهِنَّ وَلَا أَبْنَاءِ أَخَوَاتِهِنَّ وَلَا نِسَائِهِنَّ وَلَا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ وَاتَّقِينَ اللهَ إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيداً) (٥٥)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : لما نزلت آية الحجاب قال : الآباء والأبناء والأقارب يا رسول الله ، ونحن أيضاً نكلمهن من وراء الحجاب؟ فأنزل الله تعالى قوله : (لَّاجُنَاحَ عَلَيْهِنَّ) الآية. أن يروهن ولا يحتجبن عنهم.
التّفسير
الموارد المستثناة من قانون الحجاب : لما كان الحكم الذي ورد في الآية السابقة حول حجاب نساء النبي مطلقاً ، ويمكن أن يوهم هذا الإطلاق بأنّ المحارم مكلفون بتنفيذه أيضاً ، وأن يحدّثوهن من وراء حجاب كالأجانب ، فقد نزلت هذه الآية وفصلت حكم هذه