وقيل : إنّ رجلين قالا : أينكح محمّد نساءنا ولا ننكح نساءه والله لئن مات لنكحنا نساءه فنزلت الآية أعلاه وحرّمت الزواج بنساء النبي من بعده مطلقاً ، وأنهت هذه المؤامرة.
التّفسير
مرّة اخرى يوجّه الخطاب إلى المؤمنين ، لتبيّن الآية جانباً آخر من أحكام الإسلام ، وخاصة ما كان مرتبطاً بآداب معاشرة النبي صلىاللهعليهوآله وبيت النبوة ، فتقول أوّلاً : لا ينبغي لكم دخول بيوت النبي إلّاإذا دعيتم إلى طعام واذِن لكم بالدخول بشرط أن تدخلوا في الوقت المقرر ، لا أن تأتوا قبل ذلك بفترة وتجلسون في انتظار وقت الغذاء ، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرِ نَاظِرِينَ إِنَاهُ) (١).
ومن المسلم أنّ هذا الحكم لا يختص ببيت النبي صلىاللهعليهوآله ، إذ ينبغي أن لا تدخل دار أي إنسان بدون إذنه كما نقرأ ـ في الكافي ـ في أحوال النبي صلىاللهعليهوآله أنّه عندما كان يريد دخول بيت إبنته فاطمة عليهاالسلام كان يستأذن ، وكان معه جابر بن عبدالله يوماً ، فاستأذن له بعد أن استأذن لنفسه.
إضافةً إلى أنّهم إذا دُعوا إلى طعام فينبغي أن يكونوا عارفين بالوقت ، لئلّا يوقعوا صاحب البيت في جهد وإحراج في غير مكانه.
ثم تناولت الحكم الثاني فقالت : (وَلكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا).
وتقول في الحكم الثالث : (وَلَا مُسْتْنِسِينَ لِحَدِيثٍ) فلا تجلسوا حلقاً تتحدثون بعد تناول الطعام ، سواء كان ذلك في بيت النبي ، أم في بيت أي صاحب دعوة.
طبعاً ، قد يرغب المضيفون في مثل هذه الحلقات والمجالس ، فهذه الحالة مستثناة.
ثم تبيّن الآية علة هذا الحكم فتقول : (إِنَّ ذلِكُمْ كَانَ يُؤْذِى النَّبِىَّ فَيَسْتَحْىِ مِنكُمْ وَاللهُ لَا يَسْتَحْىِ مِنَ الْحَقّ).
من المسلّم أنّ النبي صلىاللهعليهوآله لم يكن يتردد لحظة ، ولا يخشى شيئاً ، أو يستحيي من شيء في بيان الحقّ في الموارد التي لم يكن لها بعد شخصي وخاصّ ، إلّاأنّ بيان الحق إذا كان يعود على القائل نفسه ليس بالأمر الجميل الحسن ، أمّا تبيانه من قبل الآخرين فانّه رائع ومستحسن ، ومورد الآية من هذا القبيل أيضاً.
__________________
(١) «إناه» : من مادة «أنّى» ـ يأني أي حلول وقت الشيء ، وتعني هنا تهيئة الطعام للتناول.