وآخر حكم في الآية مورد البحث هو : (وَسَرّحُوهُنَّ سِرَاحًا جَمِيلاً).
«السراح الجميل» هو الطلاق المقترن بالمحبّة والإحترام ، وترك كل خشونة وظلم وجور واحتقار.
(يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ لِكَيْلَا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) (٥٠)
يمكنك الزواج من هذه النسوة : بعد ذكر جانب من الأحكام المتعلقة بطلاق النساء ، وجّهت الخطاب هنا إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، وفصّلت الموارد السبعة التي يجوز للنبي الزواج فيها من تلك النسوة :
١ ـ فقالت أوّلاً : (يَا أَيُّهَا النَّبِىُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجِكَ التِىءَاتَيْتَ أُجُورَهُنَّ). والمراد من هؤلاء النساء ـ بقرينة الجمل التالية ـ النساء اللاتي لم يكنّ يرتبطن بالنبي صلىاللهعليهوآله برابطة قرابة وقد تزوّجنه ، وربّما كانت مسألة دفع المهر لهذا السبب ، لأنّ العرف المتّبع آنذاك هو أنّهم كانوا يدفعون المهر نقداً عند زواجهم من الأجنبيات ، إضافةً إلى أفضلية التعجيل في هذا الدفع ، وخاصة إذا كانت الزوجة بحاجة إليه إلّاأنّ هذا الأمر ليس من الواجبات على أي حال ، إذ يمكن أن يبقى المهر ديناً في ذمة الزوج إذا ما اتّفق الطرفان على ذلك.
٢ ـ (وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللهُ عَلَيْكَ).
«أفاء» : من مادة «الفيء» ، وتقال للأموال التي يحصل عليها الإنسان بدون جهد ومشقة ، ولذلك يطلق (الفيء) على الغنائم الحربية ، وكذلك الأنفال.
٣ ـ (وَبَنَاتِ عَمّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالتِكَ التِى هَاجَرْنَ مَعَكَ).
إنّ التحديد بهذه الفئات الأربع واضح ، إلّاأنّ شرط الهجرة من أجل أنّها كانت دليلاً على الإيمان في ذلك اليوم ، وعدم الهجرة دليل على الكفر ، أو لأنّ الهجرة تمنحهنّ امتيازاً أكبر وفخراً أعظم ، والهدف من الآية هو بيان النساء الفاضلات المؤهّلات لأن يصبحن زوجات للنبي صلىاللهعليهوآله.