الأهمية بمكان ، ولذلك أكّدت الآية على هذا الموضوع بالخصوص من باب التأكيد على النبي صلىاللهعليهوآله والتحذير والقدوة للآخرين.
ثم تقول في الأمر الرابع والخامس : (وَدَعْ أَذَاهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ وَكَفَى بِاللهِ وَكِيلاً).
إنّ هذا الجزء من الآية يوحي بأنّهم قد وضعوا النبي صلىاللهعليهوآله تحت ضغط شديد لحمله على الإستسلام ، واستخدموا ضدّه وضدّ أصحابه كل أنواع الأذى ، سواء كان عن طريق جرح اللسان والكلام الفاحش والإهانة ، أم عن طريق الأذى الجسمي ، أو عن طريق الحصار الإقتصادي.
يقول التاريخ : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله والمؤمنين الأوائل قد وقفوا كالجبل الأشمّ أمام أنواع الأذى ، ولم يقبلوا عار الإستسلام والهزيمة قطّ ، وأخيراً انتصروا في حركتهم.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً) (٤٩)
جانب من أحكام الطلاق : إنّ آيات هذه السورة ـ الأحزاب ـ جاءت على شكل مجموعات مختلفة ، والخطاب في بعضها موجّه إلى النبي صلىاللهعليهوآله ، وفي بعضها الآخر إلى كل المؤمنين ، وهذا يعني أنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان مراداً بهذه التعليمات ، كما أنّ عموم المؤمنين يرادون بها أيضاً. تقول الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا).
لقد بيّن الله سبحانه هنا حكماً استثنائياً من حكم عدة النساء المطلّقات ، وهو أنّ الطلاق إن وقع قبل الدخول فلا تلزم العدّة ، ومن هذا التعبير يفهم أنّ حكم العدة كان قد بُيّن قبل هذه الآية.
ثم تتطرق الآية إلى حكم آخر من أحكام النساء اللاتي يطلّقن قبل المباشرة الجنسية ـ والذي سبقت الإشارة إليه في سورة البقرة أيضاً ـ فتقول : (فَمَتّعُوهُنَّ). أي اعطوهن هدية مناسبة.
ولا شك أنّ تقديم هدية مناسبة إلى المرأة يكون واجباً في حالة عدم تعيين المهر من قبل.
أمّا مقدار هذه الهدية ، فقد بيّنه القرآن المجيد في الآية (٢٣٦) من سورة البقرة إجمالاً بقوله : (مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ). وكذلك قال في نفس تلك الآية : (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ ووَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُو).