فإنّ الرّوايات الكثيرة جدّاً الواردة في كتب الفريقين تنفي شمول الآية لكل أهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله ، وتقول : إنّ المخاطبين في الآية والمقصود بأهل بيت النبي هم خمسة أفراد فقط ، وهم : محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهمالسلام.
وبيّنت الآية الأخيرة ـ من الآيات مورد البحث ـ سابع وظيفة وآخرها من وظائف نساء النبي ، ونبّهتهن على ضرورة استغلال أفضل الفرص التي تتاح لهن في سبيل الإحاطة بحقائق الإسلام والعلم بها وبأبعادها ، فتقول : (وَاذْكُرْنَ مَا يُتْلَى فِى بُيُوتِكُنَّ مِنْءَايَاتِ اللهِ وَالْحِكْمَةِ).
وفيما هو الفرق بين «آيات الله» و «الحكمة»؟ قال بعض المفسرين : إنّ كليهما إشارة إلى القرآن ، غاية ما في الأمر أنّ التعبير ب (الآيات) يبيّن الجانب الإعجازي للقرآن ، والتعبير ب (الحكمة) يتحدث عن المحتوى العميق والعلم المخفي فيه.
وأخيراً تقول الآية : (إِنَّ اللهَ كَانَ لَطِيفًا خَبِيرًا). وهي إشارة إلى أنّه سبحانه مطّلع على أدقّ الأعمال وأخفاها ، ويعلم نيّاتكم تماماً ، وهو خبير بأسراركم الدفينة في صدوركم.
جاهلية القرن العشرين : مرّت الإشارة إلى أنّ جمعاً من المفسرين تورّطوا في تفسير (الجاهلية الاولى) وكأنّهم لم يقدروا أن يصدّقوا ظهور جاهلية اخرى في العالم بعد ظهور الإسلام ، وأنّ جاهلية العرب قبل الإسلام ضئيلة تجاه الجاهلية الجديدة ، إلّاأنّ هذا الأمر قد تجلّى للجميع اليوم ، حيث نرى مظاهر جاهليّة القرن العشرين المرعبة ، ويجب أن تعدّ تلك إحدى تنبؤات القرآن الإعجازية.
إذا كان العرب في زمان الجاهلية يغيرون ويحاربون ، وإذا كان سوق عكاظ ـ مثلاً ـ ساحة لسفك الدماء لأسباب تافهة عدّة مرّات ، وقتل على أثرها أفراد معدودون ، فقد وقعت في جاهلية عصرنا حروب ذهب ضحيّتها عشرون مليون إنسان ، وجرح وتعوّق أكثر من هذا العدد.
وإذا كانت النساء «تتبرّج» في زمن الجاهلية ويلقين خمرهنّ عن رؤوسهن بحيث كان يظهر جزء من صدورهن ونحورهن وقلائدهن وأقراطهن ، ففي عصرنا تشكّل نواد تسمّى بنوادي العراة ـ ونموذجها مشهور في بريطانيا.
وإذا كانت في الجاهلية «زانيات» من ذوات الأعلام ، حيث كنّ يرفعن أعلاماً فوق بيوتهن ليدعين الناس إلى أنفسهن ، ففي جاهلية قرننا اناس يطرحون اموراً ومطالب في هذا