إنّ جملة (لَاتَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ) إشارة إلى طريقة التحدّث ؛ وجملة : (وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا) إشارة إلى محتوى الحديث.
«القول المعروف» له معنى واسع يتضمّن كل ما قيل ، إضافةً إلى أنّه ينفي كل قول باطل لا فائدة فيه ولا هدف من ورائه ، وكذلك ينفي المعصية وكل ما خالف الحق.
ثم يصدر الأمر الثالث في باب رعاية العفة ، فيقول : (وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى).
«قرن» : من مادة «الوقار» ، أي الثقل ، وهو كناية عن التزام البيوت ؛ و «التبرّج» : يعني الظهور أمام الناس ، وهو مأخوذ من مادة (برج) ، حيث يبدو ويظهر لأنظار الجميع.
والمراد من «الجاهلية» أنّها الجاهلية التي كانت في زمان النبي صلىاللهعليهوآله ، ولم تكن النساء محجّبات حينها ـ كما ورد في التواريخ ـ وكنّ يلقين أطراف خمرهن على ظهورهن مع إظهار نحورهن وجزء من صدورهن وأقراطهن وقد منع القرآن الكريم أزواج النبي من مثل هذه الأعمال.
ولا شك أنّ هذا الحكم عام ، والتركيز على نساء النبي من باب التأكيد الأشدّ.
وأخيراً يصدر الأمر الرابع والخامس والسادس ، فيقول سبحانه : (وَأَقِمْنَ الصَّلوةَ وَءَاتِينَ الزَّكوةَ وَأَطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ).
إنّ هذه الأوامر الثلاثة تشير إلى أنّ الأحكام المذكورة ليست مختصة بنساء النبي ، بل هي للجميع ، وإن أكّدت عليهن.
ويضيف الله سبحانه في نهاية الآية : (إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهّرَكُمْ تَطْهِيرًا).
إنّ التعبير ب (إنّما) ـ والذي يدل على الحصر عادةً ـ دليل على أنّ هذه المنقبة خاصة بأهل بيت النبي صلىاللهعليهوآله ؛ وجملة (يريد) إشارة إلى إرادة الله التكوينية.
وبتعبير آخر : فإنّ المعصومين نتيجة للرعاية الإلهية وأعمالهم الطاهرة ، لا يقدمون على المعصية مع امتلاكهم القدرة والاختيار في إتيانها.
«الرجس» : تعني الشيء القذر ، سواء كان نجساً وقذراً من ناحية طبع الإنسان ، أو بحكم العقل أو الشرع ، أو جميعها ؛ و «التطهير» : الذي يعني إزالة النجس ، هو تأكيد على مسألة إذهاب الرجس ونفي السيئات.