ولكن ينبغي أن تعلموا أنّ ما سيصيبكم ويقع بساحتكم هو من عند أنفسكم وبما جنت أيديكم : (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعِبَادِ).
ثم تضيف الآية على لسانه : (وَيَا قَوْمِ إِنّى أَخَافُ عَلَيْكُمْ يَوْمَ التَّنَادِ). أي يوم تطلبون العون من بعضكم البعض ، إلّاأصواتكم لا تصل إلى أيّ مكان.
«التناد» : مأخوذة أصلاً من كلمة «ندا» وتعني «المناداة» والمشهور بين المفسرين أنّ (يوم التناد) هو من أسماء يوم القيامة. يعني (يوم مناداة البعض للبعض الآخر). وهذا المعنى يعبّر عن ضعف الإنسان وعجزه عندما تنزل به المحن وتحيطه المصاعب والملمّات ، وينقطع عنه العون وأسباب المساعدة ، فيبدأ بالصراخ ولكن بغير نتيجة.
وفي عالمنا هذا ثمّة أمثلة عديدة على «يوم التناد» مثل الأيام التي ينزل فيها العذاب الإلهي ، أو الأيام التي يصل فيها المجتمع إلى طريق مسدود لكثرة ما إرتكب من ذنوب وخطايا ، وقد نستطيع أن نتصور صوراً اخرى عن يوم التناد في حياتنا من خلال الحالات التي يمرّ بها الناس بالمشاكل والصعاب المختلفة حيث يصرخ الجميع عندها طالبين للحلّ والنجاة.
الآية التالية تفسّر يوم التناد بقولها : (يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُم مّنَ اللهِ مِنْ عَاصِمٍ).
ومثل هؤلاء حق عليهم القول : (وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ). إنّ هؤلاء الذين ضلّوا في الحياة الدنيا بابتعادهم عن سبل الرشاد والهداية وتنكّبهم عن الطريق المستقيم ، سيظلّون في الآخرة عن الجنة والرضوان والنعم الإلهية الكبرى.
(وَلَقَدْ جَاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا زِلْتُمْ فِي شَكٍّ مِمَّا جَاءَكُمْ بِهِ حَتَّى إِذَا هَلَكَ قُلْتُمْ لَنْ يَبْعَثَ اللهُ مِنْ بَعْدِهِ رَسُولاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ مُرْتَابٌ (٣٤) الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) (٣٥)
عجز المتكبرين عن الإدراك الصحيح : هذا المقطع من الآيات الكريمة يستمر في عرض كلام مؤمن آل فرعون ، ومن خلال نظرة فاحصة في سياق الآيات ، يظهر أنّ مؤمن آل فرعون طرح كلامه في خمسة مقاطع.