ويستفاد من قول موسى عليهالسلام أيضاً أنّ من تحلّ فيه صفتا «التكبر» و «عدم الإيمان بيوم الحساب» فهو إنسان خطر ، علينا أن نستعيذ بالله من شرّه وكيده.
(وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَإِنْ يَكُ كَاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صَادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (٢٨) يَا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظَاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنَا مِنْ بَأْسِ اللهِ إِنْ جَاءَنَا قَالَ فِرْعَوْنُ مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ) (٢٩)
أتقتلون رجلاً أن يقول ربّي الله : مع هذه الآيات تبدأ مرحلة جديدة من تاريخ موسى عليهالسلام وفرعون ، لم تطرح في أيّ مكان آخر من القرآن الكريم. المرحلة التي نقصدها هنا تتمثل بقصة «مؤمن آل فرعون» الذي كان من المقربين إلى فرعون ، ولكنه اعتنق دعوة موسى التوحيدية من دون أن يفصح عن إيمانه الجديد هذا ، وإنّما تكتم عليه واعتبر نفسه ـ من موقعه في بلاط فرعون ـ مكلفاً بحماية موسى عليهالسلام من أيّ خطر يمكن أن يتهدد من فرعون أو من جلاوزته.
فعندما شاهد أنّ حياة موسى في خطر بسبب غضب فرعون ، بادر باسلوبه المؤثّر للقضاء على هذا المخطط. يقول تعالى : (وَقَالَ رَجُلٌ مُّؤْمِنٌ مّنْءَالِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلاً أَن يَقُولَ رَبّىَ اللهُ). أتقتلوه في حين أنّه : (وَقَدْ جَاءَكُم بِالْبَيّنَاتِ مِن رَّبّكُمْ).
ثم إنّ للقضية بعد ذلك جانبين : (وَإِن يَكُ كَاذِبًا فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِن يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُم بَعْضُ الَّذِى يَعِدُكُمْ).
ثم تضيف الآيات : (إِنَّ اللهَ لَايَهْدِى مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ).
فإذا كان موسى سائراً في طريق الكذب والتجاوز فسوف لن تشمله الهداية الإلهية ، وإذا كنتم أنتم كذلك فستحرمون من هدايته.
ولم يكتف «مؤمن آل فرعون» بهذا القدر ، وإنّما استمرّ يحاول معهم بلينٍ وحكمة ، حيث