وبذلك كانت دعوة موسى عليهالسلام تستهدف القضاء على الحاكم الظالم ، والمخططات الشيطانية لرموز السياسة في حاشية السلطان الظالم ، وبتر تجاوزات الأثرياء المستكبرين ، وبناء مجتمع جديد يقوم على قواعد العدالة الكاملة في المجالات السياسية والثقافية والاقتصادية.
الآية التي بعدها تتعرض إلى بعض مخططات هؤلاء الظلمة في مقابل دعوة النبي موسى عليهالسلام : (فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْحَقّ مِنْ عِندِنَا قَالُوا اقْتُلُوا أَبْنَاءَ الَّذِينَءَامَنُوا مَعَهُ وَاسْتَحْيُوا نِسَاءَهُمْ).
وما نستفيده من الآية هو أنّ قضية قتل الأبناء والإبقاء على النساء فقط لم يقتصر ـ كاسلوب طاغوتي ـ على الفترة التي سبقت ولادة موسى عليهالسلام فحسب ، وإنّما تمّ تكرار هذه الممارسة أثناء نبوة موسى عليهالسلام.
ويعبّر هذا الاسلوب عن واحدة من الممارسات والخطط المشؤومة الدائمة للقدرات الشيطانية الظالمة التي تستهدف إبادة وتعطيل الصاقات الفعالة ، وترك غير الفاعلين للإستفادة منهم في خدمة النظام.
القرآن يجيب : (وَمَا كَيْدُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِى ضَللٍ).
لقد قضى الله تعالى بمشيئته أن ينتصر الحق وأهله ، وأن يزهق الباطل وأنصاره.
لقد اشتد الصراع بين موسى عليهالسلام وأصحابه من جانب ، وبين فرعون وأنصاره من جانب آخر. يقول تعالى : (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِى أَقْتُلْ مُوسَى وَلْيَدْعُ رَبَّهُ).
نستفيد من الآية أنّ أكثرية مستشاريه أو بعضهم على الأقل كانوا يعارضون قتل موسى ، لخوفهم أن يطلب عليهالسلام من ربّه نزول العذاب بساحتهم ، لما كانوا يرون من معجزاته وأعماله غير العادية.
وقد استدل فرعون على تصميمه في قتل موسى عليهالسلام بدليلين ، الأوّل ذو طابع ديني ومعنوي ، والآخر ذو طابع دنيوي ومادي ، فقال في الأوّل ، كما يحكي القرآن ذلك : (إِنّى أَخَافُ أَن يُبَدّلَ دِينَكُمْ).
وفي الثاني : (أَوْ أَن يُظْهِرَ فِى الْأَرْضِ الْفَسَادَ).
والآن لنر كيف كان رد فعل موسى عليهالسلام والذي يبدو أنّه كان حاضراً في المجلس؟
يقول القرآن في ذلك : (وَقَالَ مُوسَى إِنّى عُذْتُ بِرَبّى وَرَبّكُم مّن كُلّ مُتَكَبّرٍ لَّايُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسَابِ).