يوم التلاقي : هذه الآيات والتي تليها ، هي توضيح وتفسير (ليوم التلاق) وهو اسم ليوم القيامة. يبيّن تعالى أنّ يوم التلاقي ، هو : (يَوْمَ هُم بَارِزُونَ) ... إنّه اليوم الذي تزول فيه جميع الحجب والأستار ، ثم تنكشف الأسرار الباطنية والمخفية.
الوصف الثاني لذلك اليوم المهول ، هوانكشاف أمر الناس بحيث لا يخفى شيء منها على الله تعالى : (لَايَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَىْءٌ).
بالطبع ... في هذه الحياة لا يخفى من أمر الإنسان شيء على الله العالم المطلق ، ولكن «البروز» في ذلك اليوم يكون مؤكّداً أكثر بحيث إنّ الآخرين سيطّلعون على أسرار بعضهم البعض ؛ أمّا بالنسبة لله فالمسألة لا تحتاج إلى بحث أو كلام.
الخصوصية الثالثة ليوم التلاقي هو انبساط الحاكمية المطلقة لله تعالى ، ويظهر ذلك من خلال نفس الآية التي تسأل عن الحكم والملك في ذلك اليوم : (لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ).
يأتي الجواب : (لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ).
إنّ هذا السؤال وجوابه لا يطرحان من قبل فرد معيّن ، بل هو سؤال يطرحه الخالق والمخلوق ، الملائكة والإنسان ، المؤمن والكافر ، تطرحه جميع ذرّات الوجود ، وكلّهم يجيبون عليه بلسان حالهم ، بمعنى أنّك أينما تنظر تشاهد آثار حاكميته ، وأينما تدقق ترى علائم قاهريته واضحة.
الخصوصية الرابعة لذلك اليوم ، هو كونه يوم جزاء : (الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ). أجل ، إنّ ظهور وبروز الاحاطة العلمية لله تعالى وحاكميته ومالكيته وقهاريته كلّها أدلة واضحة على هذه الحقيقة العظيمة المخيفة من جهة ، والمفرحة من جهة اخرى.
أمّا الخصوصية الخامسة لذلك اليوم ، فهي ما يختصره قوله تعالى : (لَاظُلْمَ الْيَوْمَ).
وكيف يمكن أن يحصل الظلم ، في حين أنّ الظلم إمّا أن يكون عن جهل ، والله عزوجل قد أحاط بكل شيء علماً.
وإمّا أن يكون عن عجز ، والله عزوجل هو القاهر والمالك والحاكم على كل شيء.
الصفة السادسة والأخيرة ليوم التلاقي ، هي سرعة الحساب لأعمال العباد ، كما نقرأ ذلك في قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ).
وسرعة الحساب بالنسبة لله تعالى تجري كلمح البصر. ورد في الخبر : «أنّه تعالى يحاسب للخلائق كلّهم في مقدار لمح البصر».