الآية التي بعدها ترتب نتيجة على ما سبق فتقول : (فَادْعُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدّينَ). وأخلصوا نيّاتكم : (وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ).
تصف الآية التي تليها خالق الكون ومالك الحياة والموت ، وبعض الصفات المهمة ، فتقول : (رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ).
فهو رفيع في علمه ، وفي قدرته ، وفي جميع أوصافه الكمالية والجمالية ، هو تعالى رفيع في أوصافه بحيث إنّ عقل الإنسان برغم قابليته واستعداده لا يستطيع أن يدركها.
تضيف الآية بعد ذلك قوله تعالى : (ذُو الْعْرشِ).
فكلّ عالم الوجود تحت حكومته وفي قبضته.
وفي وصف ثالث تضيف الآية أنّه هو تعالى الذي : (يُلْقِى الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ). وهذه الروح هي نفس القرآن ومقام النبوة والوحي ، حيث تحيي هذه الامور القلوب ، وتكون في الانسان كالروح لجسد الإنسان.
والملفت للنظر هنا أنّ الآيات السابقة كانت تتحدث عن رزق الأجساد من مطر ونور وهواء ، فيما تتحدث هذه الآيات عن الرزق «الروحي» والمعنوي المتمثل في نزول الوحي.
والآن لنرى ما هو الهدف من إنزال روح القدس على الأنبياء عليهمالسلام؟
الإجابة يقدّمها القرآن في نهاية الآية بقوله : (لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ).
إنّه اليوم الذي يلتقي فيه العباد بخالقهم ...
إنّه اليوم الذي يلتقي فيه السابقون باللاحقين ...
إنّه اليوم الذي يجمع على ساحة القيامة بين رموز الحق وقادته ، ورموز الباطل وزعامته وأنصاره ...
إنّه يوم لقاء المستضعفين بالمستكبرين ...
إنّه يوم التقاء الظالم والمظلوم ...
هو يوم التقاء الإنسان والملائكة ...
وأخيراً ، يوم التلاق ، هو يوم التقاء الإنسان مع أعماله وأقواله في محكمة العدل الإلهي.
(يَوْمَ هُمْ بَارِزُونَ لَا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (١٧)