(وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠) وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١) اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢) لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ (٦٣) قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ) (٦٤)
الآيات السابقة تتحدث عن المشركين الكذّابين والمستكبرين الذين يندمون يوم القيامة على ما قدّمت أيديهم ويتوسلون لإعادتهم إلى الدنيا ، ولكن هيهات أن يستجاب لهم طلبهم ، وآيات بحثنا هذه تواصل الحديث عن هذا الأمر ، إذ تقول : (وَيَوْمَ الْقِيمَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ).
ثم تضيف : (أَلَيْسَ فِى جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْمُتَكَبّرِينَ).
إنّ عبارة (كَذَبُوا عَلَى اللهِ) تستهدف اولئك الذين قالوا بوجود شريك لله ، أو باتخاذ الله ولداً من الملائكة ، أو الذين يزعمون أنّ المسيح عليهالسلام هو ابن الله ، وأمثال هذه المزاعم والإدّعاءات.
الآية التالية تتحدث عن طائفة تقابل الطائفة السابقة ، حيث تتحدث عن المتقين وابتهاجهم في يوم القيامة ، إذ تقول : (وَيُنَجّى اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ) (١).
ثم توضّح فوزهم وانتصارهم من خلال جملتين قصيرتين مفعمتين بالمعاني : (لَايَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
نعم ، إنّهم يعيشون في عالم لا يوجد فيه سوى الخير والطهارة والسرور ، وهذه العبارة القصيرة جمعت ـ حقّاً ـ كل الهبات الإلهية فيها.
الآية التالية تتطرق من جديد إلى مسألة التوحيد والجهاد ضد الشرك ، وتواصل مجادلة المشركين ، حيث تقول : (اللهُ خَالِقُ كُلّ شَىْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلّ شَىْءٍ وَكِيلٌ).
العبارة الاولى في هذه الآية تشير إلى (توحد الله في الخلق) والثانية تشير إلى (توحده في الربوبية).
__________________
(١) «مفازة» : مصدر ميمي بمعنى الفوز والظفر.