الشرك والتوحيد في موقف القيامة ، إذ تبدأ بمسألة الموت الذي هو بوّابة القيامة ، وتبيّن لكل البشرية أنّ قانون الموت عامّ وشامل للجميع : (إِنَّكَ مَيّتٌ وَإِنَّهُم مَّيّتُونَ).
قال بعض المفسرين : إنّ أعداء رسول الله كانوا ينتظرون وفاته ، وكانوا في نفس الوقت فرحين مسرورين لكون رسول الله صلىاللهعليهوآله يموت في نهاية الأمر ، فالقرآن ـ هنا ـ أجابهم بالقول : إن مات رسول الله فهل تبقون أنتم خالدين ، هذا ما نصّت عليه الآية (٣٤) من سورة الأنبياء : (أَفَإِين مّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ).
ثم ينتقل البحث إلى محكمة يوم القيامة ، ليجسم المجادلة بين العباد في ساحة المحشر : (ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيمَةِ عِندَ رَبّكُمْ تَخْتَصِمُونَ).
«تختصمون» : مشتقة من «اختصام» وتعني النزاع والجدال بين شخصين أو مجموعتين تحاول كل منهما تفنيد كلام الآخر.
ولكن الآيات التالية تبيّن أنّ المخاصمة تقع بين الأنبياء والمؤمنين من جهة ، والمشركين المكذّبين من جهة اخرى.
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ (٣٢) وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٣) لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ) (٣٥)
هذه الآيات تواصل البحث الخاص بموقف الناس في ساحة المحشر ، وتخاصمهم في تلك المحكمة الكبرى ، وتقسّم آيات بحثنا إلى مجموعتين هما (المكذبون) و (المصدقون) ، والقرآن الكريم يعطي صفتين لأصحاب المجموعة الاولى ، أي «المكذبين». قال تعالى : (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللهِ وَكَذَّبَ بِالصّدْقِ إِذْ جَاءَهُ و).
الكافرون والمشركون يكذبون كثيراً على الباريء عزوجل ، فأحياناً يعتبرون الملائكة بنات الله ، وأحياناً يقولون : عيسى هو ابن الله ، وأحياناً اخرى يعتبرون الأصنام شفعاء لهم عند الله ، وأحياناً يبتدعون أحكاماً كاذبة في الحلال والحرام وينسبونها إلى الله ، وما شابه ذلك.