وعبارة (بغير حساب) تبيّن أنّ للصابرين أفضل الأجر والثواب عند الله ، ولا يوجد عمل آخر يبلغ ثوابه حجم ثواب الصبر والإستقامة.
أمّا المنهج الخامس فقد ورد فيه أمر بالإخلاص والتوحيد الخالي من شوائب الشرك ، وهنا تتغير لهجة الكلام بعض الشيء ، ويتحدث الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله عن وظائفه ومسؤولياته ، إذ يقول : (قُلْ إِنّى أُمِرْتُ أَنْ أعْبُدَ اللهِ مُخْلِصًا لَّهُ الدّينَ).
ثم يضيف : (وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ). وهذا هو المنهج السادس الذي يعترف بأنّ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآله هو أوّل الناس إسلاماً وتسليماً لأوامر الباريء عزوجل.
أمّا المنهج السابع والأخير فيتناول مسألة الخوف من عقاب الباريء عزوجل يوم القيامة. قال تعالى : (قُلْ إِنّى أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبّى عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ).
التأمل في هذه الآيات يكشف بوضوح عن أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله هو عبد من عباد الله ، وهو مكلف أيضاً بعبادة الله بإخلاص ، لأنّه ـ هو أيضاً ـ يخاف العذاب الإلهي.
وهذا دليل على عظمته وأحقّيته.
بعد استعراض المناهج السبعة المذكورة في الآيات أعلاه (التقوى ، الإحسان ، الهجرة ، الصبر ، الإخلاص ، التسليم ، الخوف).
ولكون مسألة الإخلاص لها ميزات خاصة في مقابل العلل المختلفة للشرك ، تعود الآيات لتؤكّد عليها مرّة اخرى ، إذ تقول وبنفس اللهجة السابقة : (قُلِ اللهَ أَعْبُدُ مُخْلِصًا لَّهُ دِينِى).
أمّا أنتم فاعبدوا ما شئتم من دون الله : (فَاعْبُدُوا مَا شِئْتُم مّن دُونِهِ).
ثم تضيف : (قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيمَةِ).
أي : إنّهم لم يستثمروا طاقاتهم وعمرهم ، ولا استفادوا من عوائلهم وأولادهم لإنقاذهم ، ولا لإعادة ماء الوجه المراق إليهم ، وهذا هو الخسران العظيم : (أَلَا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ).
الآية الأخيرة في بحثنا هذا تصف إحدى صور الخسران المبين ، إذ تقول : (لَهُم مّن فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مّنَ النَّارِ وَمِن تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ).
وبهذا الشكل فإنّ أعمدة النيران تحيط بهم من كل جانب ، فهل هناك أعظم من هذا؟ وهل هناك عذاب أشدّ من هذا؟
«ظلل» : جمع «ظلّة» على وزن «سنّة» وتعني الستر الذي ينصب في الجهة العليا ، وطبقاً