(قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥) قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ (٨٦) إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ (٨٧) وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ) (٨٨)
آخر حديث بشأن إبليس : آيات بحثنا هي آخر آيات سورة (ص) ، وهي خلاصة لكل محتوى هذه السورة ، ونتيجة للأبحاث المختلفة التي تناولتها السورة.
في البداية ردّاً على تهديد إبليس في إغواء كل بني آدم عدا المخلصين منهم ، يجيبه الباريء عزوجل بالقول : (قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ). أقسم بالحق ، ولا أقول إلّاالحق : (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ).
فما ورد في بداية السورة إلى هنا حق ، والذي ورد بشأن أحوال الأنبياء الكبار في هذه السورة بسبب حروبهم وجهادهم حقّ ، والحديث في هذه السورة عن القيامة والعذاب الأليم الذي سينزل بالطغاة والنعم التي سيغدقها الباريء عزوجل على أهل الجنة حقّ ، ونهاية السورة حقّ ، والله سبحانه يقسم بالحق ويقول الحق بأنّه سيملأ جهنم بالشيطان وأتباعه.
إنّ هاتين الجملتين تشتملان على الكثير من التأكيد ، لكي لا يبقى لأحد أدنى شك وترديد بهذا الشأن ، إذ لا سبيل لنجاة الشيطان وأتباعه ، والاستمرار بالسير على خطاه يؤدّي إلى جهنم.
وفي نهاية هذا البحث يشير الباريء عزوجل إلى أربعة امور :
ففي المرحلة الاولى يقول : (قُلْ مَا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ).
إنّما أجري على الله ، كما ذكرت ذلك آيات اخرى في القرآن المجيد كالآية (٤٧) من سورة سبأ ، والتي تقول : (إِنْ أَجْرِىَ إِلَّا عَلَى اللهِ).
وهذه هي إحدى دلائل صدق رسول الله صلىاللهعليهوآله.
وفي المرحلة الثانية يقول : أنا لست من المتكلّفين ، فكلامي مستند على الأدلّة والمنطق ، ولا يوجد فيه أي تكلّف ، وعباراتي واضحة وكلامي خالٍ من الغموض واللفّ والدوران (وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلّفِينَ).