وللتعريف بهذا العدو القديم أكثر فأكثر يضيف تعالى : (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنكُمْ جِبِلًّا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ).
ألا ترون ماذا أحلّ بأتباعه من المصائب.
ألم تطالعوا تأريخ من سبقكم لتروا بأعينكم أي مصير مشؤوم وصل إليه من عبد الشيطان؟
إذن لماذا أنتم غير جادّين في معاداة من أثبت أنّه عدو لكم مرّات ومرّات؟ ولا زلتم تتخذونه صديقاً بل قائداً ووليّاً وإماماً.
(هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (٦٣) اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٦٤) الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ (٦٥) وَلَوْ نَشَاءُ لَطَمَسْنَا عَلَى أَعْيُنِهِمْ فَاسْتَبَقُوا الصِّرَاطَ فَأَنَّى يُبْصِرُونَ (٦٦) وَلَوْ نَشَاءُ لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ فَمَا اسْتَطَاعُوا مُضِيّاً وَلَا يَرْجِعُونَ (٦٧) وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ أَفَلَا يَعْقِلُونَ) (٦٨)
تعرّضت الآيات السابقة إلى قسم من التوبيخات والتقريعات الإلهية وإلى مخاطبته سبحانه المجرمين في يوم القيامة ، هذه الآيات تواصل البحث حول الموضوع نفسه أيضاً.
نعم ، ففي ذلك اليوم وحينما تظهر جهنم للمجرمين الكافرين يذكّرهم الله بوعده ، والآية تشير إلى ذلك فتقول : (هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِى كُنتُمْ تُوعَدُونَ).
فقد بُعث إليكم الأنبياء واحداً بعد واحد ، وحذّروكم من مثل هذا اليوم ومن مثل هذه النار ، ولكنكم لم تأخذوا أقوالهم إلّاعلى محمل السخرية والاستهزاء : (اصْلَوْهَا الْيَوْمَ بِمَا كُنتُمْ تَكْفُرُونَ).
ثم يشير تعالى إلى شهود يوم القيامة ... الشهود الذين هم جزء من جسد الإنسان ، حيث لا مجال لإنكار شهادتهم ، فيقول تعالى : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ).
ففي ذلك اليوم لا تكون أعضاء الإنسان طوع إرادته وميوله ، فهي بأجمعها تتخلّى عن إمتثال أمره وتستسلم لأمر الله سبحانه ، ويالها من محكمة عجيبة تلك المحكمة التي شهودها