وقوله تعالى : (رَبّهِمْ) كأنّها تلميح إلى أنّ ربوبية ومالكية وتربية الله كلها توجب أن يكون هناك حساب وكتاب ومعاد.
تضيف الآية التالية : (قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرقَدِنَا هذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ).
نعم فإنّ المشهد مهول ومذهل إلى درجة أنّ الإنسان ينسى جميع الخرافات والأباطيل ولا يتمكّن إلّامن الإعتراف الواضح الصريح بالحقائق ، الآية تصوّر القبور «بالمراقد» والنهوض من القبور (بالبعث) كما ورد في الحديث : «كما تنامون تموتون وكما تستيقظون تبعثون».
ثم تقول الآية لبيان سرعة النفخة : (إِن كَانَتْ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ).
وعليه فإحياء الموتى وبعثهم من القبور وإحضارهم في محكمة العدل الإلهي لا يحتاج إلى مزيد وقت ، كما كان الأمر عند هلاكهم ، فالصيحة الاولى للموت ، والصيحة الثانية للحياة والحضور في محكمة العدل الإلهي.
(فَالْيَوْمَ لَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (٥٤) إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (٥٦) لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَا يَدَّعُونَ (٥٧) سَلَامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ) (٥٨)
هنا يبدأ البحث حول كيفية الحساب في المحشر ، ثم ينتقل في الختام إلى تفصيل وضع المؤمنين الصلحاء والكفار الطالحين ، فتقول الآية الكريمة الاولى : (فَالْيَوْمَ لَاتُظْلَمُ نَفْسٌ شَيًا). فلا ينقص من أجر وثواب أحد شيئاً ، ولا يزاد على عقوبة أحد شيئاً.
ثم تنتقل الآية لتوضّح تلك الحقيقة وتعطي دليلاً حيّاً عليها فتقول : (وَلَا تُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ).
ثم تنتقل الآيات لتتعرض إلى جانب من مثوبة المؤمنين العظيمة ، وقبل كل شيء تشير إلى مسألة الطمأنينة وراحة البال فتقول : (إِنَّ أَصْحَابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِى شُغُلٍ فَاكِهُونَ).
«شغل» : ـ على وزن سرر ـ و «شغل» ـ على وزن لطف ـ : كليهما بمعنى العارض الذي