بهلاكهم وعدم استطاعتهم العودة إلى هذه الدنيا ، كلّا ، فعاجلاً سيحضر الجميع في عرصة المحشر للحساب ، ثم العقاب الإلهي المتلاحق والمستمر في إنتظارهم.
(وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥) سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ) (٣٦)
آيات اخرى : مما مرّ بحثه في الآيات السابقة حول جهاد الرسل ضد الشرك وعبادة الأوثان ، وكذلك التعرض إلى مسألة المعاد في الآية الأخيرة من المقطع السابق ، توضّح الآيات ـ مورد البحث ـ مسألتي التوحيد والمعاد معاً لإيقاظ المنكرين لهاتين المسألتين ودفعهم إلى الإيمان. تتعرض الآية الاولى إلى قضية إحياء الأرض الميتة والبركات التي تعود على الإنسان من ذلك فتقول : (وَءَايَةٌ لَّهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ).
قضية الحياة والبقاء من أهمّ دلائل التوحيد ، فبرغم التطور والتقدم الحاصل في وسائل الدراسة وفي العلوم بشكل عام ، لا زال الكثير من الأسرار تنتظر الحل ، وحتى الآن لم يُعلم تحت تأثير أي العوامل تتحول موجودات ميتة إلى خلايا حية؟
جملة (فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ) إشارة إلى أنّ الإنسان يستفيد من بعض بذور النباتات للتغذية ، بينما بعضها غير قابل للأكل ، ولكن له فوائد اخرى كتغذية الحيوانات ، وصناعة الأصباغ ، والأدوية ، والامور الاخرى التي لها أهميّة في حياة الإنسان.
الآية التالية توضيح وشرح للآية الاولى من هذه الآيات ، فهي توضّح كيفية إحياء الأرض الميتة ، فتقول : (وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِّن نَّخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ).
كان الحديث في الآية الاولى عن الحبوب الغذائية ، بينما الحديث هنا عن الفواكه المقوّية والمغذّية والتي يعدّ «التمر» و «العنب» أبرز وأهمّ نماذجها حيث يعتبر كل منهما غذاءً كاملاً.
الآية التالية تشرح وتوضّح الهدف من خلق تلك الأشجار المباركة المثمرة فتقول : إنّ الغرض من خلقها لكي يأكلوا من ثمارها دون حاجة إلى بذل جهد في ذلك ودون تدخّل