الإنسان في صناعتها ... (لِيَأْكُلُوا مِن ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ).
ثمار على شكل غذاء كامل تظهر على أغصان أشجارها ، قابلة للأكل بمجرد جنيها من أغصانها ، ولا تحتاج إلى طبخ أو أيّة تغييرات اخرى. ذلك إشارة إلى غاية لطف الله بهذا الإنسان وكرمه.
فالهدف هو تحريك حس تشخيص الحق ، والشكر في الإنسان ، لكي يضعوا أقدامهم على أوّل طريق معرفة الله عن طريق الشكر ، لأنّ شكر المنعم أوّل قدم في طريق معرفته.
الآية الأخيرة من الآيات موضع البحث ، تتحدث عن تسبيح الله وتنزيهه ، وتشجب شرك المشركين الذي ذكرته الآيات السابقة ، وتوضّح طريق التوحيد وعبادة الأحد الصمد للجميع فتقول : (سُبْحَانَ الَّذِى خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ).
بديهي أنّ الله سبحانه وتعالى ليس بحاجة إلى أن يسبّحه أحد ، إنّما ذلك تعليم للعباد ومنهاج عملي من أجل طي طريق التكامل.
إنّ هذه الآية واحدة من الآيات التي توضّح محدودية علم الإنسان ، وتدلّل على أنّ هناك الكثير من الحقائق الخافية علينا وعن معلوماتنا حتى الآن.
(وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ (٣٧) وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ (٣٨) وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ (٣٩) لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) (٤٠)
هذه الآيات تتحدث في قسم آخر من آثار عظمة الله في عالم الوجود. تقول الآية الكريمة الاولى : (وَءَايَةٌ لَهُمُ الَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ).
«نسلخ» : من مادة «سلخ» وتعني في الأصل نزع جلد الحيوان ، والتعبير في الآية تعبير لطيف ، فكأنّ نور النهار لباس أبيض ألبسه جسد الليل ، يُنزع عنه إذا حلّ الغروب ليبدو لونه الذاتي ، والتأمّل في هذا التعبير يوضّح هذه الحقيقة ، وهي أنّ الظلام هو الطبيعة الأصل للكرة الأرضية ، وأنّ النور والإضاءة صفة عارضة عليها تأتيها من مصدر آخر ، فهو