السماء إلى الأرض ، وأنّ كليهما من أصل واحد ، إلّاأنّهما يظهران على هيئتين متفاوتتين تماماً وبفوائد متفاوتة أيضاً.
والعجيب أنّ الإنسان يحصل على السمك الطازج من كل منهما : (وَمِن كُلّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا). علاوة على إمكانية الإفادة من كليهما للنقل والإنتقال (وَتَرَى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ).
يستخرج من البحار وسائل الزينة المختلفة من أمثال (اللؤلؤ ـ والمرجان ـ والصدف ـ والدرّ) ، وتركيز القرآن على ذكر هذه المسألة لأنّ روح الإنسان تختلف عن الحيوان باحتوائها على أبعاد مختلفة منها «الحس الجمالي» الذي هو منبع ظهور جميع المسائل الذوقية والفنيّة والأدبية التي يؤدّي إشباعها بصورة صحيحة إلى إشاعة السرور في النفس.
إنّ البضائع التي يتمّ حملها ونقلها عبر البحار ، وكذا أعداد المسافرين الذين يتمّ نقلهم من مكان إلى آخر ، على درجة من الكثرة بحيث لا يمكن مقايستها مع أيّة من وسائل النقل الاخرى.
وتأكيد القرآن الكريم على مفهوم «لحماً» طريّاً إشارة عميقة المحتوى لفوائد التغذية بهذه اللحوم في مقابل أضرار اللحوم القديمة والمعلّبة وأمثال ذلك.
جملة (لِتَبْتَغُوا مِن فَضْلِهِ) لها معنى واسع وشامل لكل فعالية اقتصادية تعتمد على البحر.
(يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (١٣) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) (١٤)
تعاود هذه الآيات الإشارة إلى قسم آخر من آيات التوحيد والنعم الإلهية اللامتناهية ، لكي تدفع الإنسان مع تعريفه بتلك النعم إلى شكرها ومعرفة المعبود الحقيقي ، وليرجع عن أي شرك أو عبادة خرافية. يقول تعالى : (يُولِجُ الَّيْلَ فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى الَّيْلِ).
«يولج» : من مادة «إيلاج» بمعنى الدخول في مضيق. ويمكن أن يكون إشارة إلى أحد