حلقة اخرى ، فتذكر مراحل العمر المختلفة والعوامل المؤثّرة في زيادته ونقصانه فتقول الآية الكريمة : (وَمَا يُعَمَّرُ مِن مُّعَمَّرٍ وَلَا يُنقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِى كِتَابٍ).
«معمّر» : من مادة «عُمْر» في الأصل من «العمارة» نقيض الخراب ، والعمر اسم لمدّة عمارة البدن بالحياة خلال مدة معيّنة.
المقصود من «الكتاب» هو العلم الإلهي اللامحدود.
وأخيراً تختم الآية بهذه الجملة : (إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ).
فخلق هذا الموجود العجيب من التراب ، وبدء خلق إنسان كامل من «ماء النطفة» وكذلك المسائل المرتبطة بتحديد الجنس ، ثم الزوجية ، والحمل ، والولادة ، وزيادة أو نقص العمر سواء بلحاظ القدرة أو بلحاظ العلم والحسابات كلها بالنسبة إليه تعالى سهلة وبسيطة ، وذلك بمجموعه يمثّل جانباً من «آيات الأنفس» التي تربطنا ببداية عالم الوجود والتعرّف عليه من جهة ، كما تعتبر أدلّة حيّة على مسألة إمكانية المعاد من جهة اخرى.
إنّ هناك سلسلة من العوامل الطبيعية التي تؤثّر على طول أو قصر العمر ، والتي أصبح أكثرها معروفاً عند الناس ، كالتغذية الصحيحة بعيداً عن الإفراط والتفريط ، العمل وإدامة الحركة ، تحاشي المواد المخدّرة ، والإدمانات الخطرة والمشروبات الكحولية ، الإبتعاد عن المهيّجات المستمرة ، التمسك بإيمان قوي يساعد الإنسان على العيش بإطمئنان وهدوء في الملمّات ، ويعطيه القدرة على مواجهة ذلك.
وإضافة إلى ذلك ، فإنّ هناك عوامل اخرى والروايات أكّدت عليها ، وكنموذج نورد الروايات التالية :
أ) في مكارم الأخلاق للطبرسي عن الرسول صلىاللهعليهوآله قال : «إنّ الصدقة وصلة الرحم تعمران الديار وتزيدان في الأعمار».
ب) وفي وسائل الشيعة عن الإمام الباقر عليهالسلام قال : «البر» وصدقة السرّ ينفيان الفقر ويزيدان في العمر ، ويدفعان عن سبعين ميتة سوء.
تشير الآية التالية ـ التي تعتبر قسماً آخر من آيات الآفاق الدالة على عظمته وقدرته سبحانه وتعالى ـ إلى خلق البحار وبركاتها وفوائدها ، فتقول الآية الكريمة : (وَمَا يَسْتَوِى الْبَحْرَانِ هذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ سَائِغٌ شَرَابُهُ وَهذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ).
فمع أنّ كلا البحرين في الأصل كانا بصورة قطرات من الماء الصافي والسائغ نزلت من