المعنيين أو كليهما ، أي : الزيادة والنقص التدريجي في الليل والنهار على مدار السنة ، مما يؤدي إلى حصول الفصول المختلفة بكل آثارها وبركاتها ، أو الإنتقال التدريجي من الليل إلى النهار وبالعكس ، وذلك بواسطة الشفق والغسق الذي يقلّل من مخاطر الإنتقال المفاجىء من النور إلى الظلام وبالعكس.
ثم يشير إلى مسألة تسخير الشمس والقمر فيقول تعالى : (وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ). وأي تسخير أفضل من حركة هذين الكوكبين باتّجاه تحقيق المنافع المختلفة للبشر ، وهذا التسخير يعتبر مصدراً لمختلف أنواع البركات في حياة البشر.
ومع ما تتمتّع به الشمس والقمر في أفلاكها من مسير دقيق ومنتظم لتؤدّي المنفعة المناسبة والجيّدة للبشر ، فإنّ النظام الذي يحكمها ليس بخالد. لذا يشير تعالى إلى ذلك بعد ذكر التسخير فيقول : (كُلٌّ يَجْرِى لِأَجَلٍ مُّسَمًّى).
ثم يقول تعالى مسلّطاً الضوء على نتيجة هذا البحث التوحيدي : (ذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمْ). الله الذي قرّر نظام النوم والظلام والحركات الدقيقة للشمس والقمر بكل بركاتها. (لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ).
«قطمير» : هو الأثر في ظهر النواة ، وهنا كناية عن موجودات حقيرة تافهة.
ثم تضيف الآية : (إِن تَدْعُوهُمْ لَايَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ) ، لأنّها قطع من الحجر والخشب لا أكثر ، جمادات لا شعور لها ، (وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ).
إذ اتّضح أنّها لا تملك نفعاً ولا ضرّاً حتى بمقدار (قطمير).
وأدهى من ذلك (وَيَوْمَ الْقِيمَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ).
ما ورد في هذه الآية شبيه بما ورد في الآية (٢٨) من سورة يونس حيث يقول تعالى : (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكَانَكُمْ أَنتُمْ وَشُرَكَاؤُكُمْ فَزَيَّلْنَا بَيْنَهُمْ وَقَالَ شُرَكَاؤُهُم مَّا كُنتُمْ إِيَّانَا تَعْبُدُونَ).
ثم يقول تعالى في ختام الآية من أجل تأكيد أكثر أن لا أحد يخبرك عن جميع الحقائق كما يخبرك الله تعالى : (وَلَا يُنَبّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ).
فإذا قالت الآية أنّ الأصنام تتنكّر لكم في يوم القيامة ، وتتضايق منكم ، فلا تتعجبوا من هذا القول ، فإنّ من يخبركم هو الذي يعلم بكل ما في هذا الكون بالتفصيل.