الدروس له ، فتقول الآية الكريمة : (وَإِن يُكَذّبُوكَ فَقَدْ كُذّبَتْ رُسُلٌ مّن قَبْلِكَ). فهؤلاء الرسل الذين سبقوك قاوموا ، ولم يهدأ لهم بال في أداء رسالتهم ، وأنت أيضاً يجب أن تقف بصلابة ، وتؤدّي رسالتك ، والبقية بعهدة الله : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ). فهو الناظر والرقيب على كل شيء ، وسوف يحاسب على جميع الأعمال.
فهو تعالى لا يتغافل عن المشاق التي تتحمّلها في هذا الطريق ، كما أنّه لن يترك هؤلاء المكذبين المخالفين المعاندين يمضون دون عقاب.
ثم تنتقل الآيات لتوضيح أهم البرامج للبشرية ، فتقول الآية الكريمة : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ). فالقيامة والحساب والكتاب والميزان والجزاء والعقاب والجنة والنار كلّها وعود إلهية لا يمكن أن يُخلفها الله تعالى.
ومع الإنتباه إلى هذه الوعود الحقّة : (فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَوةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُم بِاللهِ الْغَرُورُ). فلا ينبغي أن تخدعكم الحياة الدنيا ، ولا يخدعكم الشيطان بعفو الله ورحمته ..
أجل ، إنّ عوامل الإثارة ، وزخارف الدنيا وزبارجها ، إنّما تريد أن تملأ قلوبكم ، وتلهيكم عن تلك الوعود الإلهية العظيمة.
«غَرور» : صيغة مبالغة بمعنى الخدّاع ، والظاهر أنّه إشارة الشيطان.
الآية التالية تنذر وتنبّه جميع المؤمنين فيما يخصّ مسألة وساوس الشيطان ومكائده والتي تعرّضت لها الآية السابقة فتقول : (إِنَّ الشَّيْطنَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا).
تلك العداوة التي شرع بها الشيطان من أوّل يوم خُلق فيه آدم عليهالسلام.
في آخر الآية يضيف تعالى للتأكيد أكثر : (إِنَّمَا يَدْعُوا حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ). «حزب» : في الأصل بمعنى الجماعة التي لها فعالية ، ولكنّها تطلق عادةً على كل مجموعة تتبع برنامجاً وهدفاً خاصاً.
إنّ الشيطان يدعو حزبه إلى المعاصي والذنوب ولوث الشهوات إلى الشرك والطغيان والإضطهاد ، وبالنتيجة إلى جهنم وبئس المصير.
آخر آية من هذه الآيات توضّح عاقبة «حزب الله» السعيدة وخاتمة «حزب الشيطان» المريرة ، فتقول : (الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ).
إنّ الكفر وحده يكفي للخلود في عذاب السعير ، بينما الإيمان بدون العمل لا يكفي لتحقيق النجاة.