ولأنّ الجناح في الطائر يستخدم كوسيلة مساعدة على الإنتقال والحركة والفعالية ، فقد استخدمت هذه الكلمة كناية عن وسيلة الحركة ذاتها وعامل القدرة والاستطاعة ؛ والمقصود في الآية هو القدرة على الإنتقال والتمكن من الفعل.
بعد الحديث عن خالقية الله سبحانه وتعالى ، ورسالة الملائكة الذين هم واسطة الفيض الإلهي ، تنتقل الآيات إلى الحديث عن رحمة الله سبحانه ، والتي هي الأساس لكل عالم الوجود. تقول الآية الكريمة : (مَّا يَفْتَحِ اللهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
الخلاصة أنّ تمام خزائن الرحمة عنده ، وهو يفيض منها على كل من يراه أهلاً لها.
وتشير الآية التالية إلى «توحيد العبادة» على أساس «توحيد» الخالقية والرازقية فتقول الآية الكريمة : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ).
فكّروا ملياً ما هو منشأ كل هذه المواهب والبركات والإمكانيات الحياتية التي قيّضت لكم ... (هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُم مّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ).
فإذا علمتم أنّ مصدر كل هذه البركات هو الله ، فاعلموا أنّ : (لَاإِلهَ إِلَّا هُوَ).
وعليه فكيف تنحرفون عن طريق الحقّ إلى الباطل ، وتسجدون للأصنام بدلاً من السجود لله سبحانه؟ (فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ).
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (٤) يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللهِ الْغَرُورُ (٥) إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوّاً إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ (٦) الَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ) (٧)
لا يغرنّكم الشيطان والدنيا : بعد أن كان الحديث حول توحيد الخالقية والرازقية ينتقل القسم الثاني من هذه المجموعة من الآيات إلى الحديث في تفصيل البرامج العملية للرسول صلىاللهعليهوآله ويوجّه الخطاب إليه أوّلاً ، ثم لعموم الناس ، وبيان المناهج العملية لهم بعد تفصيل البرامج العقائدية سابقاً.
في البداية تقدم الآيات للرسول درس الإستقامة على الصراط السوي ، والذي هو أهمّ